وسمعت ابن الماجشون يقول: كل من أرسل رسولًا، أو اؤتمن أمانة، أو أودع وديعة، أو أبضع بضاعة، فكان ذلك كله مشهودًا عليه، مستوثقًا فيه لما يخشى من الأحداث على المرسل أو المؤتمن والمستودع والمستبضع، فإنه لا مخرج له من شيء من ذلك عليه إلا بالبينة؛ لأنه كذلك قبضه، وإذا كان ذلك بغير بينة ولا وثيقة فإنه يخرج منه باليمين لقد دفعه حيث يقر له الآمر أنه أمره، وأنه رده إلى الأمر إن ادعى رده إليه.
وسألت مطرفًا وابن الماجشون عن الصباغ يصبغ الثوب، فيقول صاحبه: إنما أمرتك أن تصبغه لونًا غير هذا، أو يقول: إنما أمرتك بغسله ولم آمرك بصبغه، أو يقول: استودعتكه ولم آمرك بشيء؟
فقالا لي: القول في هذا كله قول الصباغ مع يمينه إذا صبغه صبغًا يشبهه.
قلتُ: فلو قال رب الثوب: ما أنا أعطيتكه ولكنك أخذته بغير أمري أو سرقته أو غصبته أو سقط مني، ولم يقر هو بدفعه إليه على حال؟
قالا لي: إذا يكون القول قول رب الثوب، ويكون أحق بالثوب، ويكون عليه للصباغ أجرة الصبغ، ولا يذهب صبغ الصباغ بقوله أيضًا، ولكن يخير صاحب الثوب؛ فإن شاء دفع إليه أجرة الصبغ وأخذ ثوبه، وإن شاء أسلم إليه الثوب بقيمته، إلا أن يشاء الصباغ أن يسلم صبغه بلا ثمن، وإن شاء شرك بينهما فأقيم الثوب أبيض وأقيم مصبوغًا كانا شريكين.
وسألت عن ذلك أصبغ، فأخبرني عن ابن القاسم مثل ذلك كله.
وحدثني أسد بن موسى عن إسرائيل بن يونس، عن أبي إسحاق، عن صلة بن زفر، قال: سمعت ابن مسعود يقول: «لا يشتري الوصي من مال من أوصى إليه شيئًا، ولا يستقرض منه شيئًا»، وكذلك الوكيل.
وسمعت ابن الماجشون يقول: من استودع وديعة سرا بلا إشهاد، فقال لصاحبها: قد رددتها إليك بلا إشهاد، فالقول قوله مع يمينه.
وإن قال: قد جئتني بعد ذلك فقلت لي: ادفع الوديعة إلى فلان أو