قال: وسألت مطرفًا وابن الماجشون عن الرجل يوكل على شراء سلعة، ثم يريد أن يفسخ الوكالة بشرائها ويشتريها لنفسه؟
فقال لي مطرف: إن كان ذلك في بلد الذي وكله معه بموضع واحد فذلك له، وإن كان إنما وكله ليشتري ذلك في بلد آخر، فلما خرج إلى ذلك البلد ودفع إليه الموكل المال رغب فيها الوكيل أو المأمور، فقال: أنا أفسخ ذلك وأشتريها لنفسي، فذلك ليس له ولا ينفعه إشهاده إن أشهد على ذلك.
وقال لي ابن الماجشون: ذلك له، وقد يحدث بينهما الضغن بعد الصداقة، فلا يريد أن يشتري له شيئًا، فلا يلزم ذلك على كره، وإنما هو معروف منه إن أحب فعله فعله.
وسألت عن ذلك أصبغ، فقال لي مثل قول مطرف، وهو أحب إلي وبه أقول.
وسمعت مطرفًا يقول: قال مالك: من وكل وكيلًا على تقاضي ديونه على الناس، وأشهد على الوكالة، وعلى أن من دفع إليه ما عليه فقد برئ فدفع إليه بعض الغرماء ولم يشهد، وأقر الوكيل بالقبض، وادعى التلف لما قبض أن من دفع إليه من الغرماء بغير بينة ضامن لما كان عليه، ولا ينفعه إقرار الوكيل له بالقبض حتى يكون قد أشهد على دفعه إليه على معاينة ذلك، لا على إقرار الوكيل، ولو جاز في هذا قول الوكلاء لذهبت أموال الناس، لأنه لا يؤمن أن يصانع الوكلاء مثل هذا بالشيء يرضون به ثم يقرون أنهم قبضوا من الغرماء وأن ذلك تلف عندهم، قال مالك: وكذلك عبد الرجل إذا وكله على قبض ديونه.