فقال لي: سمعت مالكًا يقول: ذلك له؛ علم ببيع شريكه، أو جهل، وليس بيعه حظه بالذي يبطل شفعة قد وجبت له، وله أن يأخذ بشفعته.
قال لي مطرف: ولو كان الشفيع لم يأخذ بشفعته حتى مات فورثه البائع ولم ينقض وقت طلب الشفعة كانت الشفعة للبائع فيما باعه؛ لأنه ورث ذلك عن الشفيع الميت فنزل في ذلك منزلته، وإنما الشفعة حق من الحقوق تورث كما تورث الحقوق، والبائع فيها وغيره من ورثة الشفيع بمنزلته، قال: فسألت مطرفًا عن ثلاثة نفر بينهم أرض مشتركة فباع أحدهم ولا علم لشريكيه ببيعه أو علمًا ولم يفت وقت طلب الشفعة حتى باع أحد الباقيين.
فقال لي: الشفعة فيما باع البائع الآن للبائع الثاني، وللشريك الثالث المتمسك بحظه، وذلك أن البائع الذي باع - وقد كانت وجبت له الشفعة فيما باع الأول ـ فليس بيعه حظه بالذي يقطع عليه شفعة قد كانت وجبت له قبل أن حظه.
قلت: فإن ترك البائع الثاني الأخذ بالشفعة مع الشريك الذي لم يبع؟
قال: فالشفعة كلها للشريك الذي لم يبع فيما باع الأول والثاني.
قلت: فإن أراد ترك الأخذ بشفعته فيما باع الأول وأراد أن يشتفع فيما باع الثاني؟
قال: فالمشتري من البائع الأول شفيع معه فيما باع الثاني؛ لأنه قد نزل منزلة بائعه فيما في يديه إذا لم يؤخذ منه بالشفعة، وصار شريكًا للبائع الثاني ولصاحبه الذي لم يبع، فباع الثاني حين باع، والمشتري من الأول شريك تجب له الشفعة إذا أقر على ما اشترى ولم يؤخذ منه.
قال: وأي الشريكين ترك أحدهما الأخذ بالشفعة مع شريكه فيما باع الثاني فليس لشريكه أن يأخذ بقدر حصته، ولكن بالجميع أو يدع.
وسألت ابن الماجشون عن ذلك كله، فقال لي فيه أجمع مثل قول مطرف.