للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العرابية, ففرَّ يلتمس النجاة لنفسه, وكانت الحكومة قد أغرت بمكافأةٍ ماليةٍ من يدل عليه, فقبض عليه بعد أعوامٍ قضاها متخفيًّا, ثم منح العفو على أن يغادر مصر, فغادرها إلى فلسطين, وأقام في "يافا" قرابة عام, ثم عاد إلى مصر, حينما انتهت ولاية مصر إلى "عباس الثاني"، وحنَّت أناملة إلى صحيفة تنشر دره, وتنشر رأيه وفكره, فأنشأ سنة ١٨٩٢ جريدةً سماها: "الأستاذ"، وهي مجلةٌ أدبيةٌ نقديةٌ تشبه العورة الوثقى بعض المشاهبة, كما يقول السيد رشيد رضا: ولكنه لم يكتب لها البقاء طويلًا؛ إذ لم يكد يحول الحول حتى اضطره مرةً أخرى إلى مبارحة البلاد؛ لأنه اتهم بأنه كان يذكي روح التعصب الدينيّ, وينشر الآراء التي تخفر الناس على الثورة١ فنفي إلى "يافا" وبعد أن عاد منها, تدخل الإنجليز, فنفي إليها مدةً ثانيةً, ثم أبعد من يافا, فرجع إلى الإسكندرية وأقام بها أيامًا, ثم عاونه المندوب السلطاني على السفر إلى الأستانة, فسافر إليها بإرادة شاهانية, وعُيِّنَ على أثر وصوله مفتشًا للمطبوعات, واتصل هناك بالسيد جمال الدين, فتوثقت عرى الصداقة بينهما, وكان يود الرجوع إلى مصر, ولكن الباب العالي ضنَّ عليه بهذه الأمنية, وسافر الخديو هناك فرافقه إلى الدردنيل, ثم مرض بالسل, وتوفي سنة ١٨٩٦م.

العروة الوثقى ١٨٧٩م:

في سنة ١٢٦٩هـ-١٨٧٩م" صدر أمر الخديو توفيق بإخراج جمال الدين الأفغاني من مصر؛ لأن نشاطه السياسيّ أثار في نفوس الإنجليز ريبًا ومخاوف؛ ولأن تعليمه الفلسفيّ هيّجَ عليه الجامدين من الأزهريين, فجاءه الكيد من هنا وهناك٢.


١ الإسلام والتجديد, ص٢١٣.
٢ ترجمة الأستاذ الأكبر الشيخ مصطفى عبد الرازق لجمال الدين في رسالة الرد على الأزهريين.

<<  <  ج: ص:  >  >>