للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد وصف الأستاذ الإمام أحمد عرابي بقوله: "أجرأ إخوانه على القول، وأقدرهم على إقامة الحجة١".

ومما أمتاز به "لسان ذلق وصوت جهوري وترسل في الحديث، واستشهاد بالآيات والأحاديث النبوية والحكم المأثورة، وبعبارة أخرى أنه كان خطيبا لبقا فصيحا٢".

على أن الثورة العرابية أزهرية في معان أخرى فقد وجدت من الأزهريين أعوانا وجندا، ولقيت منهم أنصارا بالقلب والجنان، والفكر والبيان، والجهد والتوجيه والإرشاد.

كان جل الصحافة القائمة إذ ذاك والتي تتجه متجه الثورة، وتذود عنها صحفا أزهرية في تحريرها أو الإشراف عليها، فتلك هو الوقائع المصرية في رعاية الشيخ محمد عبده، وأعوانه الأزهريين وصحف النديم وغيره تؤيد ما ذهبنا إليه.

ووجدت الثورة العرابية من الأزهر شعراء ينظمون في إذكائها روائع، ومحكمات والأزهريون يومئذ عمود الشعر وقوامه، ووجدت منهم خطباء يلهبون الإحساس ويضرمون الشعور، فهذا هو السيد عبد الله نديم الذي عرف "بخطيب الثورة" كانت نفسه ثائرة متطلعة إلى المجد وحياة الحرية، وكان أكبر عضد الثورة العرابية وكان فيضا من الخطابة متدفقا لا يكل لسانه، ولا يغبض بيانه حتى إنه ليخطب في المجلس الواحد خطبا قد تبلغ خمسا، وهو في أخراها كأولاها لا يكرر قولا ولا يعيد حديثا، وكان مثار العجب من تدفقه، فقد يكون في رحلة مع عرابي فيلقى على كل محط خطبة في المستقبلين.

أما الأستاذ الإمام فقد كان له في الإعلان عن رغبات الأمة مسلك يخالف مسلك الثائرين، فلم يكن من زعماء الثورة في طورها الأول، ولكن


١ الثورة العرابية لعبد الرحمن الرافعي بك ص٨٢.
٢ تاريخ الإمام ج١ ص١٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>