للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له وتألفت قلوب أهل الثغر وتم له ما رمى إليه فقامت الجمعية الخيرية الإسلامية في أواخر عهد إسماعيل، والقلوب واجفة والنفوس قلقة والأنفاس محبوسة في الصدور.

ولما ولي الأمر "الخديوي توفيق" اطمأنت الخواطر واستقرت الأمور وانطلقت الألسن من عقلها، ولقي الناس في ظلاله حرية رأي وطلاقة فكر، فاهتبل النديم هذه الفرصة فدعا الناس وحضهم على مؤازرته ومعاضدته فيما يهم به، فبرزت الجمعية في مظهر الائتلاف، وأجفل السراة والوجوه والكبراء للانتظام في عقدها، وكانت أول جمعية إسلامية أسست في البلاد١، والغرض من إنشائها تربية النشء وتثقيفهم وبث روح المعارف، وترقية أفكارهم وطبعهم على مكارم الأخلاق، وتوجيهم وجهة دينية وطنية.

أنشأت الجمعية مدرسة يتعلم فيها اليتامى والعاجزون عن أسباب التعليم، وقد ظل النديم يسعى لها عند الخديو حتى أمدها برفده، وأظلها برئاسة ولي عهده، وأجرت عليها نظارة المعارف مالا سنويا غير قليل، فكان ذلك حنا للجمهور على مؤازرتها واستنهاضا للعزائم لمعاضدتها، وقد استقدم لها نوابغ


١ غير خاف ما كان لهذه الجمعية من أثر في نهوض الخطابة، وتدريب الألسن وبهذه المناسبة نذكر أن أول جمعية أدبية ظهرت في مصر هي جمعية رواق الشوام بالأزهر، نقل ذلك جورجي زيدان في كتابه تاريخ آداب اللغة العربية ج٤ ص٩٤، فقال أثباتا بخبرها حفني بك ناصف مفتش أول اللغة العربية في نظارة المعارف قال: "وكانت كلما عزم طالب سوري على الرجوع إلى الشام نهائيا تحدد ليلة للاجتماع تعلنها إلى أهل الرواق، فيعد الشعراء قصائد الوداع، ويتلوها ليلة السفر بمحضر من علماء الأزهر وأدبائه، وكانوا يبتدئون القصيدة بالغزل، ثم يتخلصون إلى المديح والوداع وكان الشعراء يتبارون ويتنافسون فيها أيما تنافس، ولم يكن الشعراء من السوريين فقط، بل كل من أراد أن ينظم قصيدة مصريا كان أو سوريا تقبل منه ويؤذن له بتلاوتها، وقد تأسست هذه الجمعية سنة ١٨٧٣م.

<<  <  ج: ص:  >  >>