للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان على مقدرته في الخطابة عذب الحديث حلو الفكاهة، إذا أوجز ود المحدث أنه لم يوجز١.

كان يبهر الساحر مجلس الخاصة والعامة، ويهيمن بطلاوته وأخذه على العالم والجاهل معًا، ومن سحر حديثه أن يأنس به الخديو "توفيق"، وهو أعنف الثائرين عليه، وأن يأنس به "عباس" حين لقيه في الآستانة، وهو خليفة "توفيق" ولولا حرص السلطان "عبد الحميد" على بقائه عنده لعاد به "عباس" إلى القاهرة، وأذن له بفراق منفاه٢.

ومما امتاز "النديم" به فيض خاطره، وحضورة بديهته وسرعة جوابه، وكان ذلك غلى جانب مادته والغزيرة في البيان، وامتلائه من أدب العرب وشعرهم ميسرًا له أسباب السبق بين الأدباء وأعلام البيان، اتصل "النديم" بكثير من رجالات مصر وعظمائها، وكانت له مجالس مشهورة نظم عقدها الأدباء والشعراء، فطارحهم وناظرهم في أساليب مختلفة من الأدب، وفنون متنوعة من البيان، فظفر بهم جميعا حتى كانوا لديه كالراعي لدى جرير، أو كالخوارزمي أمام بديع الزمان، فاعترفوا له السبق وهم بين طائع وكاره٣.

ومن بديهته التي ساعفته، وكان له بها سبق أن حضر اجتماعا حافلا لدى "شاهين باشا"، فاقترح بعضهم إليه إنشاء قصيدة دالية يعارض بها المتنبي في داليته المشهورة التي مطلعها:

أقل فعالي بله أكثره مجد ... وذا الجد فيه نلت أو لم أنل جد


١ تراجم أعيان القرون الثالث عشر وأوائل الرابع عشر لأحمد تيمور باشا ص٢٧.
٢ شعراء مصر وبيئاتهم للأستاذ عباس العقاد ص٩٦.
٣ المصدر نفسه ص٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>