للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زجله:

للنديم كثير من الزجل المطبوع الذي يمثل الحياة الاجتماعية في مصر بأسلوبه الدارج وتركيبه العامي، وقد كان غزير النبع لا يغيض معينه منه، ولا تعيا به قريحته، وإذا كان الزجل المرتجل يعتمد على البديهة، وشدة العارضة فإن النديم كان آية الآيات في ذلك حتى إنه لتعرض لمواقف الزجل المرتجلة، ويقوم على مناظرة المتمهرين فيه يكون أكثرهم غلبا وأعلاهم كعبًا، وقد ذكر في مجلته "الأستاذ" قصة تشهد باقتداره على الزجل، ومعاطاته على طريق الارتجال، وتفوقه على الذين جودوه وتفرغوا له.

قال النديم في مجلة الأستاذ: "اتفق لي أن كنت بمولد سيدي أحمد البدوي" رضي الله تعالى عنه سنة ١٢٩٤هـ، وكان معي السيد علي أبو النصر والشيخ رمضان حلاوة، والسيد محمد قاسم، والشيخ أحمد أبو الفرج الدمنهوري، فجلسنا على قهوة الصباغ نتفرج على أديب وقف يناظر آخر، فلما فطن أحدهما لانتقادنا عليهما استلفت أخاه إلينا، وخصانا بالكلام فأخذا يمدحاننا واحدا فواحدا إلى أن جاء دورهما إلي، فقال أحدهما يخاطبني:

أنعم بقرشك يا جندي ... وإلا أكسنا أمال يا أفندي

ألا أنا وحياتك عندي ... بقي لي شهرين طول جيعان

فقلت على سبيل المزح معه:

أما الفلوس أنا مديشي ... وأنت تقول لي ما مشيشي

يطلع علي حشيشي ... أقوم أملص لك لودان

ثم أخذنا نتبادل الكلام نحو ساعة حتى غلبا إذ فرغ محفوظهما، فلما قمنا وتوجهنا إلى منزل المرحوم شاهين باشا١، وكنا نازلين عنده جميعا أخبره


١ شاهين باشا كنج مقتش الوجه البحري إذ ذاك، وكان مجلسه محط رجال الأدباء، ومجتمع الشعراء والندماء لا يخلو من مطارحات، ومساجلات شعرية تراجم الأعيان القرون الثالث عشر، وأوائل الرابع عشر لأحمد تيمور باشا ص٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>