الخرافات لنتعاون بهذه الخدمة على محو ما صرنا به مثله في الوجود من ركوب متن الغواية، واتباع اللذين أضلانا سواء السبيل.
وكتب فصلا عن الخطابة قال فيه:-
ألسن الخطباء تحيي وتميت، حكمة إذا عقلت معناها وقفت على سر الخطابة وحكمة حدوثها، وعلمت أنها للعقول بمنزلة الغذاء للبدن، وكانت الخطابة في الأعصر الخالية غير معلومة إلا من أمتي العرب واليونان، فكانت ساحتها في جزيرة العرب عكاظا، ومنابرها ظهور الإبل، وهذه الساحة كانت معرضا للأفكار يجتمع فيه الخطباء والبلغاء، والشعراء وأمم كثيرة من المجاورة للجزيرة، فيرقى الخطيب ظهر ناقته، ويشير بطرف ردائه، وينثر على الأسماع دررا وبدائع، ثم يباريه آخر ويعارضه غيره، فتتضارب الأفكار وتتنبه الأذهان، وتحيا الهمم، وتتحرك الدماء، ويرجع كبار القبائل وأمراؤها لما يثير إليه الخطيب إن صلحا وإن حربا، ولم يقتصروا في خطاباتهم على مسائل الحرب والصلح، بل كانوا يخوضون بحار الأفكار، فلا يتركون حكمة إلا شرحوها، ولا يذرون فضيلة إلا حثوا عليها.
وبلغه أن أستاذه المرحوم "الشيخ محمد العشري"، كان راكبا عربة مع بعض الناس في زمن المطر، فوقعت بهم ونجا الشيخ من بينهم وأصيب من كان معه، فكتب إليه هذه الرسالة التي تأنق وابتكر في سجعها.
"منحتنا اللهم سلامة الروح، فلك الحمد على هذه المنحة حمدا بلا عد، ووهبتنا صحة لب البيان فلك الشكر على هذه الصحة شكرا بلا حد، يلوح بدره ويفوح عطره روح هو عين الحياة ومدد العقل، ولب هو منطق الشفاة وسند النقل طال عمره، وجال أمره غذاء النفوس، وبهجة المهجة، ونور الشموس، ومهجة البهجة أمنا سره وعمنا بره.
أستاذي وقدوتي وملاذي، وعمدتي محمد العشري قام ذكره، ودام شكره سيدي ومصيري ومؤيدي، ونصيري يخصك بالتحية غرس بستانك، وغصن