العزم، وما هو إلا أن قرأ كتاب "ابن مسكويه" في تهذيب الأخلاق، فقام بتلخيصه وهو حدث لما يناهز العشرين، ثم نشط للكتابة في الصحف والخطابة في المجامع، ثم عين رئيسا للقسم الأدبي، بالوقائع المصرية ثم أشرقت كفايته، وتجلت مواهبه وظهرت قدرته على نقد الأحكام، وفهم القانون، فانتقل إلى وظيفة معاون بوزارة الداخلية، فنظر لقلم قضايا الجيزة.
ثم اندلعت الثورة العرابية، فكان ممن أشعلوا نارها وخاضوا غمارها وهنا يبدأ جهاد تتقد فيه عزيمته، وتكبر رجولته.
اشترك سعد في الثورة بقلبه الكبير وعزمه الجبار، وناله من أذى الاعتقال وفقد الوظيفة ما ناله، ولما نفي أصحابه الثائرون خطر له أن يعود إلى وظيفته، أو يجد في الحكومة عملا فلم يقيض له ما أراد، وإذ ذاك رغب في المحاماة على ما كانت توصم به إلى هذا الحين من التطاول والفحش، واتخاذها تجارة قد يكون ربحها بغير الشرف والعفة، وكأنه كان يريد أن يهيئ لها كرامة وشرفا جديدين.
ثم اتهم بأنه ألف جماعة سرية سماها "جماعة الانتقام" لتقتل الجواسيس الذين خانوا الثورة العرابية، والرؤساء الذين نكلوا بالعرابيين فألقي القبض عليه، وعلى الرغم أن دليلا لم يقم على اتهامه ظل معتقلا أكثر من ثلاثة أشهر؛ لأن النية كانت متجهة إلى نفيه للسودان.