قد أتهم بأني تخيلت فخلت، ولا أبالي بهذه التهمة في سبيل رسم الحدود، ولفت النظر إليها، وفضل الله واسع وقدرته شاملة، وما ذلك على الله بعزيز.
الآن وقد وضحت بالتقريب آمال المسلمين في الأزهر، ترون أيها السادة أن العبء الملقى على عاتق الأزهر ليس هين الحمل، فإنه في حاجة إلى العون الصادق من كل من يقدر على العون، إما بالمال، أو بالعقل، أو بالمعارف والتجارب، وكل شيء يبذل في طريق تحقيق هذه الآمال هين إذا أتت الجهود بهذه الثمرات الطيبة المباركة.
نموذج مما ألقاه من الدروس الدينية:
مما ألقاه من هذه الدروس ما جاء في التعليق على تفسيره لسورة "لقمان" ليذكر الإنسان أن شربة الماء التي يروي بها ظلماه سخرت لها السموات والأرض، فحرارة الشمس سبب في تبخر الماء الملح الأجاج من البحر، وسبب في ارتفاعه إلى الطبقات العلوية، ومنها يتساقط على الأرض ماء عذب ينقع الغلة، ويحيي الأرض بعد موتها، وقرص الخبز يأكله الجائع سخرت له الشمس والأرض، وسخر له الحارث والحاصد والدارس، والتاجر والطاحن والعاجن، والخابز إلى غير ذلك من الوسطاء.
سخر الله ما في السموات والأرض لمنفعة الإنسان، وسعادته ثم أكمل عليه النعمة وأوسعها وأتمها، فمنحه قوى ظاهرة، ومنحه قوى باطنة ومنحه العقل الذي استطاع به تذليل كل شيء، والذي هو وسيلة المعرفة، وأكمل طرق الهداية، والذي كشف به أسرار الوجود، واهتدى به إلى واجب الوجود واستعد به، لأن يتلقى الوحي عن خالق الخلق ومرسل الرسل، ولأن يكون خليفة الله في الأرض يعمرها.