للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودافع عن الأمة المصرية في قتل "السردار" ذلك الدفاع الذي بكى له الرئيس، وبكى له سعد زغلول بكاء.

موقفه من حادث دنشواي ١:

تبدو في تاريخ "الهلباوي" نقطة حالكة السواد، فقد وقف من الأمة المصرية موقفا غير كريم، وتحدى شعور الشعب المصري كله في وقت بلغ الغيظ والحزن بالأمة مداه، فقد رضي لنفسه أن يقف موقف المدعي العمومي في هذه القضية الدامية، أي إنه أساغ أن يجمع الأدلة من هنا وهناك ليثبت اعتداء المصريين من دنشواي على الإنجليز، وواتته من الغلظة والقسوة ما تذوب له الأكباد، وأمعن في خصومة المتهمين المصريين حتى ليقول: "إنه لا يوجد مصري لا يشاركه في هذا الشعور، ولذلك يطلب الحكم على المتهمين بأشد عقوبة"، ويقول: إذا تقدمت إليكم وطلبت رفع كل رحمة من نفوسكم لمعاقبة هؤلاء المتهمين، وخصوصا رؤساء العصابة لا أكون مغاليا، "وأن المتهمين ارتكبوا عن إصرار، وإني أشرح لعدالة المحكمة الإصرار قانونًا".

كانت النفوس تجزع من تحكم الإنجليز، وإزهاق الأرواح البريئة، و"الهلباوي" يصم أذنيه ولا يرعى وطنه ولا إخوته المصريين، ولا يلتفت


١ خلاصة هذه الحادث أنه في يوم الأربعاء ١٣ من يونيه سنة ١٩٠٦ قام خمسة من جند الإنجليز من معسكرهم، واتجهوا إلى بلدة "دنشواي" بإقليم المنوفية من أعمال مركز تلا لصيد الحمام، وهناك أصيب بعض الأهلين، فالتحموا بالإنجليز فأصيب بعض الجند بإصابات أفضت إلى الموت، فثار "اللورد كرومر" عميد البريطانيين في مصر إذ ذاك، وعقدت المحكمة المخصوصة لمحاكمتهم، وكان المدعي العمومي الهلباوي بك، وقضت هذه المحكمة بإعدام أربعة من الأهلين وجلد وحبس ثمانية منهم، ونفذ الإعدام والجلد على مرأى ومسمع من البلد وأهله بين البكاء والعويل، وكان في ذلك من الغلظة والقسوة ما أزعج النفوس، وأطلق ألسنة الوطنيين والزعماء بثورة دامية، وشكوى صاخبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>