للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى أهون مبادئ المجاملة، ومن ثم قد أثار سخط الناس عليه، وكالت له الصحف أعنف اللوم، ولم تتورع عن أن تحثى على عطفيه التهم والظنون، تحدثت مجلة "المجلات" التي أصدرت عددا خاصا بهذا الحادث، ورسمت على غلافه صورة "الهلباوي" في إطار من الجماجم فقالت: إن "عثمان بك غالب" التقى "بالهلباوي"، فلم يقو على رؤيته بل صاح فيه، وهو مستشيط غضبا: إني لا أستطيع رؤية جلاد مصر أمام عيني، بل يخيل لي أن الدماء التي أسلتها تلوث يديك، وتجري تحت أرجلك.

وروت أن رجلين كانا يتكلمان في مطعم، فطال الجدال بينهما في مسألة شخصية، فقال أحدهما للآخر: ما أراك إلا كالهلباوي، فاعتبر المخاطب ذلك أكبر سب سمعه، وأشد ما مست به كرامته، واستل مدية الطعام وطعن بها صاحبه عدة طعنات.

وتحدثت الصحف، وتحدث الناس أيضا أن الإنجليز، وعدو الهلباوي بأن يكون من رجال القضاء، وأنهم سيكفلون له مغانم طيبة، ونظم الشعراء في ذلك قصائدهم، وكان مما قاله المرحوم حافظ بك إبراهيم في هذا مخاطبا به الهلباوي بك.

أيها المدعي العمومي مهلا ... بعض هذا فقد بلغت المرادا

قد ضمنا لك القضاء بمصر ... وضمنا لنجلك الإسعادا

فإذا ما جلست للحكم فاذكر ... عهد "مصر" فقد شفيت الفؤادا

لا جرى النيل في نواحيك يا مصر ... ولا جادك الحيا حيث جادا١

أنت أنبت ذلك النبت يا مصر ... فأضحى عليك شوكا قتادا٢


١ الحيا: المطر.
٢ القتاد شجر صلب له شوك كالإبر، يخاطب مصر بأنها أحسنت إلى بعض أبنائها، وبرت بهم فأساءوا إليها، وجحدوا نعمتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>