للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكتابة في هذا العصر:

أولا: الكتابة الديوانية:

كانت التركية هي لغة الكتابة في مصر في العصر العثماني وصدر هذا العصر، نعم إن العربية صارت بعد قليل من حكم "محمد علي" هي اللغة الرسمية لدواوين الحكومة، ولكنها كانت عربية ركيكة ضعيفة متخاذلة، بل إنها كانت عامية غريبة عن العربية في لفظها، وأسلوبها وتركيبها.

كذلك كنت تجد في لغة الدواوين في مستهل هذا العصر طائفة من الألفاظ الأعجمية تطالعك بين الحين والحين، وقد يكون ذلك راجعا إلى أن المترجمين الذين كانوا يتوسطون بين الفرنسيين، والأهلين في مصر فيما يترجمون من مراسلات ومنشورات لم يكونا عربا خلصاء، بل "كان بعضهم من غير أبناء هذه اللغة، فإذا ترجموا عبارة صاغوها في قالب أعجمي، وما لم يجدوا له لفظا عربيا تركوه على لفظه الأفرنكي، أو وضعوا له لفظا عاميا١، وهذه الترجمة التي أدخلت على لغة الدواوين عجمة غريبة، وأنهتها إلى العامية أحيانا في عهد الفرنسيين هي نفسها التي فعلت فعلها عندما شرع "محمد علي" في إنشاء الدواوين، واحتاج إلى من يترجم بين حكومته وحكومات أوروبة، ومن ثم فقد حشد في مراسلات الحكومة، ومشوراتها ولوائحها ما لم يمت إلى اللغة العربية بسبب، وقد أبى الكتاب إذ ذاك، "فأعجموا وأنفوا أن يكونوا مفصحين في العامية، فصاروا معجمين في العربية٢".

وظلت الكتابة الديوانية على هذه الحال ردحا من الزمان أعان على انحطاطها فيه أن تتولاها قوم ناقصوا الثقافة لم يتموا تعليمهم، وأما الذين أتموه


١ تاريخ أدب اللغة العربية لجورجي زيدان ج٤ ص٢٧١.
٢ مذكرة الأستاذ محمود مصطفى ص٢٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>