للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتابته:

كانت الكتابة الديوانية في أوائل هذا العصر ضعيفة ركيكة يستعمل فيها الدخيل، والعامي متخلفة عن النهضة، وعبد الله فكري هو الذي شق لها طريق الحياة، ووهب لها شيئا من القوة والسلامة، وأصلح من فسادها، وبدل عيها نطقا وإفصاحا، وقد كانت من قبله تحرر بالتركية الخالصة، وإذا حررت بالعربية، فإنما هي عربية عامية نازلة إلى أحط الدرجات ركة، وتحاذلا "فلما اتصل بمعية الأمير جعل يصدر عنها الرسائل بلغة فصيحة قوية رصينة اتخذت بعد نموذجا للمكاتبات الديوانية، وتأثرها الكتاب من عمال الحكومة بقدر ما واتاهم الجهد، وانفسح لهم في صدر البيان"١.

وقد ذهب في إنشائه مذهب البلغاء، وهو مبكر الشباب في عصر كانت أقلامه مسفة وأدبه غثا، وظل يسمو بأسلوبه، ويعلو في إنشائه حتى شهد بفضله في البيان أعلام لهم مكانتهم في الأدب من أمثال "أحمد أفندي فارس"، الذي يقول عنه في كتابه "سر الليالي"، "ومن برع في هذا العصر، وحق له به الفخر في الإنشاءات الديوانية، وهي عندي أوعر مسلكا من المقامات الحريرية الأديب الأريب العبقري الفاضل "عبد الله بك فكري المصري فلو أدركه صاحب المثل السائر لقال: كم ترك الأول للآخر"، ويقول "الشيخ حسين المرصفي في كتاب "الوسيلة الأدبية": "وأنفع ما أراه ينبغي لك أن تتخذه دليلًا يرشدك إلى كل وجه جميل من وجوه الفنون التي تحاول فيها أن تكتب الكتابة الصناعية المناسبة لوقتك، الذي تأمل أن تعيش في رضا أهله عنك، واعترافهم بظهور ما يعود منك عليهم نفعه منشآت الأمير الجليل صاحب الوقت الذي لو تقدم به الزمان لكان له بديعان، ولم ينفرد بهذا اللقب علامة همذان٢ "عبد الله فكري بك".


١ ج٢ المفصل في تاريخ الأدب العرب ص٣٨٤.
٢ ج٢ ص٦٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>