للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يكن "عبد الله فكري" يجري على أسلوب واحد في إنشائه، فهو إذ كتب في شأن من شئنون العملية، أو تقرير من التقريرات العملية، اتجه إلى المعنى دون اللفظ، ونحا منحى السهولة والوضوح، وغلب عليه الترسل، وهجر السجع والفواصل إلا قليلا، ومن ذلك ما كتبه "جوتمبرج" إلى الوزير "رياض باشا"، يذكره ما شهده في مؤتمر المستشرقين، إذ يقول: "ثم أشير إلي فقعدت وأنشدت قصيدة كنت أعددتها لذلك بعد ارتحالنا من باريس، فأتممتها في الطريق، وبيضتها في "استوكهلم فابتدأت أقول:

اليوم أسفر للعلوم نهار ... وبدت لشمس نهارها أنوار

ومضيت فيها إلى آخرها، وصفق الناس لكل من خطب وبالجملة لي لما أتممت الإنشاد، وخاطبني أناس منهم باستحسانها، وحضر كانت المؤتمر على أثر الفراغ منها، وسارني يطلب نسختها فأخذها في الحفلة، وخطب بعد ذلك أناس منهم المسيو "شفر" وافد فرنسا، وكانت هذه الحفلة خاصة بذلك ليس فيها تقديم موضوعات علمية، ثم قام الملك وودع الحاضرين، وصافح البعض وصافحنا، وقال: حسنا وانصرف وانصرفنا، وانقضت الحفلة، وارفضت الجمعية.

ولكنه يحتفل بالأسلوب، فيتأنق في عبارته ويزوق في صياغته، ويأتي بالسجع والمحسن، ولكن على غير استكراه ولا تعنت، ويترسم طريقة القاضي الفاضل، ومن نهج نهجه إذ يكتب في الأوصاف والمقامات، والرسائل والألغاز، وغير ذلك من الأغراض التي يتكلف لها "الديوانيون" جهدا واحتفالا، ومن ذلك ما كتبه إلى صديق له يهنئه بشهر رمضان -"أيها الخل الصديق، بل الشقيق الشفيق متعك الله تعالى وتبارك بهذا الشهر الشريف المبارك، وتقبل صيامك، وأسعد لياليك، وأيامك وبعد -فإني لو أجريت القلم في ميدانه، وأرخيت فضل عنانه على أن يبلغ وصف ما في الفؤاد، من الشوق وقديم الوداد، لقصر عن هذه البغية جهده، وقصر عن هذه

<<  <  ج: ص:  >  >>