وأنت تعلمين محافظتي عليه، ولذلك لم أستطع بقائي مصرا على الكتمان فأعلمتك بأمري، وانهزام صبري، وعلى الله أجري، والسلام.
وكتب في صفحة أخرى من الخطاب إلى صهره.
إنني وضعت أمانتي بين يديك، ورضيتك لها حافظا أمينا، فعليك بتقوى الله في العناية والاهتمام بشأنها، وما أريدك إلا آخذًا بحقك قائما بواجبك، ولم أوصها بمثل هذه الوصية؛ لأنها منك بمنزلة الأمانة، وليس للوديعة في يد المودع إلا الحفظ، وما عليها وهي في يده إلا أن تكون حيث يضعها من أمكنة الحفظ والصيانة، وقد سهل علي أمر فراقكما أن هذه سنة الله في خلقه، واحترام كل منكما صاحبه كامل الاحترام، أدام الله لكما هذا التوفيق السار، المخفف لآلام البعد وصعوبة الافتراق.
وأهدي كتابا إلى صديق له، وكتب إليه:
"الإنسان الكامل والمولى الفاضل دام كماله وزاد إقباله.
"كتابي إلى الأستاذ والهدايا تزيد في التواد، وتوسع في قوة الارتباط، إن كانت لغير من حظرها عليه الشرع القويم، والشيخ مني بمنزلة الأخ من أخيه، وأنا منه بمثابة الولد من أبيه، ولا داعية إليه سوى الصلة به، ولا أريد منه غير الوداد، قل لا أسألكم عليه أجرًا إلا المودة في القربى، وقد اخترت لك من كتب الأدب العربي القديم كتابا حديث العهد بالوجود، بعثته إلى حضرتك معترفا بأنه نموذج فضلك، ومعنى أدبك، ويعترف لك مهديه بأنه لاحظ المناسبات، ونظر إلى الرغبات، وقبل أن تشتغل بالبحث فيه عن اسمه والأوصاف، أعلمك بأنه كتاب المنسوب والمضاف، فهنيئا له الشيخ يقدره حق قدره، وهنيئا للشيخ به يزيده في أمره، وأن قبول الأستاذ لهديتي مكفول بحسن أخلاقه وطهارة أعراقه، وبعلمه بأن النفع بها، وهي عنده أهم وأوفى، فله الحمد على ما قبل، والشكر على أولى".