ولد بشرنوب، وهي قرية من قرى البحيرة ينسب إليها العارف بالله سيدي أحمد عرب الشرنوبي صاحب تائية السلوك.
وكان مولده سنة ثلاثين وثمانمائة وألف من الميلاد، وتوفي والده وابنه في الثانية من عمره، وأتم حفظ القرآن، ولما يتجاوز العاشرة.
وكان شديد الرغبة في العلم مفتونا بالأخذ في أسبابه، فالتزم أن يكتب بخطه ما فرض بالأزهر على طلاب السنين الأولى، وحفظ متونها وتلقى نهج هذه الدراسات عن الشيخ عبد الفتاح وهيبة من علماء شرنوب، حتى إذا أتم الخامسة عشرة استأذن والديه في السفر إلى القاهرة؛ لينهل من علم الأزهر وثقافته، فقالت له: إنك يا بني يتيم وليس لك عائل يقول على شأنك في طلب العلم، فقال لها: إنني أعددت من الكتب والزاد ما يكفيني عاما، وفي هذا العام ما يكفيني لبلوغ حظ من العلم، وبعدئذ يفعل الله ما يشاء.
وإذ ذاك أذنت له، ونزل بالقرب من الجامع العظيم، وظل ينشد ضالته من الشيوخ الأعلام حتى هداه الله للعالم الفذ الشيخ حسن العدوي، فتلقى عنه فقه الإمام، واستمع له وهو يدرس شرح الزرقاني على متن العزية، ولما طلب الحاشية من أستاذه لينسخها بخطه -وكان ذا خط جميل رشيق- امتحنه الشيخ، فالقى خطه منظما وحروفه منمقة، ووجده متمكنا في الفقه والنحو على الرغم من صغر سنة، وأنه في بداية الطريق، وهنا يفصح الشيخ عن إعجابه بالتلميذ الناشيء، وعن حبه له وإقباله عليه، فيقول له: أنت قد ساقك الله إلينا ومحفظتنا هي محفظتك، فانقل منها ما تريد، وقد أذنتك أن تكون القارئ لنا في جميع دروسنا.. ويمضي الأستاذ العدوي في تشجيع تلميذه النجيب، فيقول له: لله علي نذر إن تمت الحاشية التي تكتبها على شرح الزرقاني