للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لتذهبن معي -هذا العام- لحج بيت الله الحرام، ولما أتمها الشرنوبي في رمضان من تلك السنة ذهب شيخه العدوي إلى "توفيق باشا" خديوي مضر في ذلك العهد، فأعطاه إذنا بالسفر إلى بيت الله يحج به هو، ومن يحب من حاشيته على نفقة الحكومة.

وطلب العدوي من تلميذه الشرنوبي أن يستأذن والده في الحج مع أستاذه، فبكى الشرنوبي؛ لأنه يتيم وكان أخفى ذلك عن شيخه، فحمله الشيخ هدية لوالدته لتمنحه ذلك الإذن.

وفي مكة المكرمة كان العدوي يدرس بها في جمع من محبي العلم وعشاقة، وكان الشرنوبي هو الذي يقرأ له، فرغب مفتي مكة إلى العدوي في أن يكون الشرنوبي ضيفا له، فلبى دعوته ولما ذهب إلى بيته عرض المفتي على الشرنوبي أن يكون زوجا لابنته، ولم يكن له ولد سواها، فأبى الشرنوبي لعلمه أن العدوي قد تبناه، وليس في وسعه التخلي عنه.

وحين رجعا من مكة رغب العدوي في بناء مسجده المشهور بشارع الشنواني بالدراسة، وفي بناء الحمام الملاصق له لينفق من دخله على المسجد.. وهنا يخشى الشرنوبي على أستاذه من جشع "المقاولين" هذه الفئة التي فطن الشرنوبي إلى وجوب الحذر منها، حتى لا ينفد المال قبل اكتمال البناء، فينفضح شيخه، ويحذره بهذين البيتين.

أتيت بالنصح والتحذير من فئة ... وإنني عالم بالدار والجار

عساك تسمع نصحي غير متهم ... فتملأ السمع من وعظى وإنذاري

ولكن شيخه العدوي يمضي -مع الثقة بتلميذه الناصح- فيما تهيأ له، ويقول: ألم يقل الله فإذا عزمت، فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين.

وبهذا العزم تم بناء المسجد والحمام، وتم بناء خلوتين اختص العدوي تلميذه بهما، وكانتا بجوار مقام العدوي في نفس القبة التي هي على يسار باب

<<  <  ج: ص:  >  >>