تجد شعره مقطوعات صغيره خفيفة، لا غموض فيها ولا تعقيد، يصور في معظمها أخلاق الناس، ويعرض تجاريبه في الحياة، وخبرته بالزمان وأهله، فهي حافلة بالحكم والتجاريب والنصح، ويتسم شعره بالسهولة، وإحكام النسج والقوافي، والحرص على التضمين والاقتباس من القرآن، كما يمتاز بالطابع العلمي الذي يتسم به شعر العلماء والفقهاء، كقوله:"فلم أبق غير اللب، والله أعلم".
ومن العجيب أنه مع قدرته الواضحة في صوغ الشعر، واستقامة أوزانه له، وظهور مكلته فيه، لا نجد له قصائد مطولة، مع ما يبدو لنا من قدرته عليها لو أراد، ولعل عذره في ذلك هو انصرافه إلى العلم وخدمته، واشتغاله بفنون شتى منه.
فكان كما ترى يدع كتابته العلمية بكثير من مقطوعاته هذه القصار التي تحمل في إيجازها واسع المعاني والتجارب.
وتراه كذلك في رسائله يودعها الشعر؛ ليجمع بين الفنين، ويلائم بين الصنعتين، كقوله لأحد أبنائه، وكان قد طلب للتدريس في جاوه، وكتب إلى والده يستشيره، فكتب له نظما ونثرًا: "فلا تجعل فراقك لفقد حياتي، وحياة والدتك سببا، فتكون عاقا لوالديك، وأنا أدعوك لأمر سهل، وأما أريد أن أشق عليك، فانتظرنا يا ولدنا لما، وبعد ذلك تأكل التراث أكلا لما، ومنفعتك في نفس بلادك تلوح عليه البشائر، إذا حسنت منك السرائر
وما مصر إلا جنة قد تزينت ... وأنهارها تجري وسكانها تدري
وأما سواها فهو لا شك دونها ... سوى طيبته والبيت والقدس والحجر