للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نثره:

مسرف في التكلف مولع بالصنعة مفتون بالزخرف والطلاء حريص على السجع مفرط فيه مترصد له يجتهد في حشد المحسنات البديعة، ولو نبا بها الكلام، ومن ثم مال أسلوبه إلى الإغراب، وجنح إلى التعقيد، وربما ضلت الفكرة في ثنايا ما تهالك عليه من هذا التعمل، ولو أنه ارتضى لنفسه السهولة والوضوح، وآثر البعد عن ذلك التكلف، أو مسه برفق لكان له من غزارة مادته ومن كرم موهبته ما يسمو به إلى مصاف الكتاب البارزين الذين ترتاح النفوس لأدبهم، ولكنه أغرق في مجاراة العصر وغالى في متابعته.

فمن نشره ما كتبه إلى الشيخ "الأحدب":

"السيد حفظه الله شيخ الأحدب، وفارسه الذي من خطاه في حلبته، فقد أخطأ وأساء الأدب، كيف لا وهو الذي بنى قصوره وشيدها، وبين معالمه بعد الأندراس وجددها، ورفع في سبيل البيان مناره، ونصب أعلامه ابتداء ورفع أخباره، وجلى عرائسه للخطاب من الخطبا، وأبرز خرائده من الخدور أترابا عربا، وتجمل بتفصيل ما أجمل من جمله، وتفضل بتبيين ما تشابه منه توضيحا لسبله، واستخرج من معدنه إبريزه فصفاه، واستنتج ما ترشحت به العضلاء عن نتائج قضاياه، إذ تمكن من تصريف رياح المعاني، فهي تجري بأمره رخاء حيث أصاب، وتميز من بين سادة العصر بأنه من أتاه الله الحكمة وفصل الخطاب، فمتى فاه فاح عرف الحكم، ورأيت لسان الحال له بالتفرد في لسان العرب قد حكم.

..... إلى أن قال وبعد

فما هذه الرسالة البديعة المثال البعيدة المنال؟ اللآلئ في نحور حور أم كواكب مشرقة في ديجور، وحدائق أزهار، أم رقائق أشعار، ومعاني كواكب أتراب، أم معاني فرائد آداب، وثغور باسمة عن جمان، أم زهور بديع في رياض بيان؟ ... إلخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>