للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن رسالة كتبها إلى "السيد الحلواني".

سيد ما الذي أوجب تناسيك لحبك الذي لم ينس لعهدك، والذي لا يزال على ممر الأيام يرقب إلك ويرعى ودك، وما الذي توهمته في صديقك الفقير الصادق، حتى قطعت صدقات رسائلك عنه، وهو بها وامق وبك واثق سيدي ما هذا التجني، والإغضاء عني، سيدي ما لعرائس كتبك عني استأخرت ولأوانس فضلك مني استنفرت، وأني بها لرءوف، شغوف بحسنها الشفوف.

فأنت ترى أنه حريص على الجناس حتى ليحتال عليه ليوقعه في الكلمتين المتجاورتين مع تهافته على الطباق، وتصيده ما استطاع من المجاز قبل أو نبا وتهالكه على الاستعارة، ولو مجها الذوق كقوله في الرسالة الأولى تمكن من تصريف رياح المعاني، وهو أيضا كثير الاقتباس من القرآن ليحلي به رسائله، وتدور في كتابته المصطلحات العلمية متأثرًا بها، ثم إذا نظرت في كلامه الذي يطول لم تجد فيه رفيع معنى ولا كبير غناء، إنما هي ألفاظ محشودة، للتقريظ وترادف متصل أعانه عليه غزارة مادة اللغة، وتمكنه من أسرارها ودقائقها.

شعره:

وشعره ميدان يتبارى فيه بحشد الزخرف اللفظي، والمحسن البديعي ما عبدت له طريقه وأرخى له عنانه، وقد عبث هذا الطلاء الذي يكلف به بالمعنى الشعري وضلت الفكرة في بيداء صنعته المسرفة، ويلوح من تهالكه على المحسنات، وإفراطه فيما يتناوله من المجاز، والاستعارة أن ذلك مقصده الأسمى من الشعر وأنه لا شيء من التصوير الشعري بذي بال عنده، وذلك مما لم يدع شيئا من شعره يستهوي النفوس، وتتروح منه نسيم الشاعرية.

فمن شعره ما قاله متغزلا:

اقطف ورود خدود الغيد بالقبل ... وقل وفاء بحق للهوى قبلي

<<  <  ج: ص:  >  >>