"والوسيلة الأدبية" مجموعة من الآداب والعلوم المختلفة من نحو، وصرف وفقه وبيان ومعان وبديع، وتاريخ ساقها المؤلف لتعليم الكتابة الإنشائية، وترويض الملكات البيانية على غرارها، ونهجها العربي الصحيح، وهو يتبع في هذه الكتابة طريقة الشرح والإفاضة، والتتابع والاستطراد، فإذا ألم ببحث علمي وفي جوانبه وبسط في آفاقه، ولم يدع فيه ما يحتاج إليه الباحث المتعقب، وإذا أورد قصيدة أو خطبة شرح معانيها اللغوية شرحا دقيقا متمكنا، ثم بين مراد الأديب مما قاله، وتعرض له بشيء من أخباره وآثاره، وقد يستطرد فيقرن المعنى بمشابه له، أو مقارب منه، أو مضاد له يفيض في كل ذلك بأسلوب رصين واضح فصيح، وقد عمد فيما اختاره من آثاره عربية إلى روائع الأدب من شعر ونثر، وخطب ورسائل، فهو حسن الذوق في كا ما يهتدي إليه، غزير المادة بما يفيض فيه، قريب الشبه في مسلكه بالكتب التي هي أصول للأدب من أمثال "الأماني"، و"الكامل" و"العقد" إلا أنه لم يغلب عليه ناحية خاصة تستأثر به، وتدعه ضعيفا في غيرها مما يقدم عليه بحثه وشرحه ونقده وتعليقه، وإنما هو في هذه النواحي جميعا المتمكن الذي يعدل بينها.
والوسلة بجزئيها تتضمن تمهيدًا وأربعة مقاصد، يشتمل كل منها على فصول ومقالات -فالتمهيد في باين فضل العلم وتقسيم العلوم، وتعريفات لعلوم العربية والأدب مع إفاضة بذكر الأمثلة، والمقصد الأول في العقل وشرح أنواع المعقول، والمقصد الثاني في تعريف اللغة، وبيان الداعي لوضع علوم العربية ونهايته نهاية الجزء الأول، والمقصد الثالث وهو أول الجزء الثاني يحتوي فنون البلاغة بإسهاب وشرح، وإفاضة مع دقة وتحليل، والمقصد الرابع، وهو أوسع المقاصد، وأكثرها بسطا يتضمن المكاتبة، والتربية الأدبية، والأدعية التي جرى السلف على استعمالها في مكاتباتهم، ومكاتبات النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين، ومكاتبة الملوك والأمراء والأدباء، وفي الأمثال العربية، وغير ذلك من البحوث الأدبية الممتعة، وقد ختم الجزء