للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نماذج من إنشائه:

كتب في الوسيلة الأدبية بعنوان "تمهيد":

"اعلم أن الأدب معرفة الأحوال التي يكون الإنسان المتخلق بها محسوبًا عند أولي الألباب الذين هم أمناء الله على أهل أرضه من القول في موضعه المناسب له، فإن لكل قول موضعا يخصه بحيث يكون وضع غيره فيه خروجا عن الأدب، كما قال "جرول" الشاعر المشهور "بالحطيئة": فإن لكل مقام مقالا.

ومن الصمت وهو السكوت المقصود في موضعه، فإن للصمت موضعا يكون القول فيه خلاف الأدب يرشد إلى ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "رحم الله امرأ قال خيرا، فغنم أو سكت فسلم". وفي لامية الطغرائي:

ويا خبيرا على الأسرار مطلعا ... أصمت ففي الصمت منجاة من الزلل

ولبعضهم:

عجبت لأزراء العيي بنفسه ... وصمت الذي قد كان بالعلم أحزما

وللصمت خير للعيي وإنما ... صحيفة لب المرء أن يتكلما

والكلام المنبه على مواضع الأقوال، وعلى مواضع الصمت كثير.

ومن الأحوال التي يكون التخلق بها أدبا، وضع الأفعال في مواضعها كما قال الله تعالى، وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح، فأجره على الله فتنبه سبحانه وتعالى على أن المطلوب العفو المصلح دون المفسد، وقال النابغة الجعدي" بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم:

ولا خير في حلم إذا لم تكن له ... بوادر تحمي صفوه أن يكدرا

ولا خير في جهل إذا لم يكن له ... لبيب إذا ما أورد الأمر أصدرا

والناس في الأدب متفاوتون تفاوتا عظيما، فمن قرأ العلوم وطاف في

<<  <  ج: ص:  >  >>