للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تعقب "المرصفي" أبا العباس فيما رآه خطأ في الرواية، أو اللغة أو المعنى أو النحو أو شرح الغريب أو تفسير الغامض، وكثيرا ما كان يقسو في نقد المبرد، فيرسل جملا فيها من الجرأة مما لا يتفق مع مقام هذا الإمام الجليل، كأن يقول: كذب المبرد في هذا والمبرد كاذب في هذا، وهذا مما تفرد به. إلخ.

"والمرصفي" يقول في مقدمة الرغبة: أسميته رغبة الآمل من كتاب الكامل مهتما ببيان ما حاد فيه أبو العباس عن سنن الصواب من خطأ في الرواية، وخطل في الدراية، ولا ينبئك مثل خبير، فمن تخطئته المبرد١ قوله أبو العباس قوله صلى الله عليه وسلم: المتفيهقون، إنما هو بمنزلة قوله: الثرثارون توكيد له قال المرصفي ذلك صواب لو كان معناهما واحد، وليس كذلك وكأن أبا العباس ذهل عما ذكر من اشتقاقه، وبيان معناه وهو الامتلاء٢، ومما خطأ به رواية المبرد قوله حين روى أبو العباس البيت.

إن الكريم من تلفت حوله ... وإن اللئيم دائم الطرف أقود

قال المرصفي كذا أنشد أبو العباس، فغير لفظه ورواية الديوان

فمنهم جواد قد تلفت حوله ... ومنهم لئيم دائم الطرف أقود٣

وفي الرغبة كثير من هذا التغليظ وغيره، والحق أن المرصفي لم يطرد صواب ما أخذه على المبرد، وربما نزع في غير قوسه فراغ عن القصد سهمه كما وصف المبرد بذلك في مقدمة الرغبة، ومن ذلك ما أتى به المبرد هجاء، فجعله المرصفي مدحا، إذ قال -: قال أبو العباس المبرد-: ومما يستحسن من شعر إسحاق هذا -يريد ابن خلف- قوله في الحسن بن سهل.


١ رغبة الآمل ج١ ص٢٣.
٢ رغبة الآمل ج ص١٧٨ وقوله: أقود يريد لا يلتفت إذ طعن مخافة أن يرى شخصا فيدعوه فوجهه مستقيم على زاده لا يكاد يصرفه، المرصفي في الرغبة في الصحيفة نفسها.
٣ رغبة الآمل ج٤ ص١٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>