وارتياح "توفيق" للشعر هو الذي بدل عضبه على الثائرين على حكومته صفحا ورضا، واستجاب للشعر فعفا به وأغضى، كتب إليه "عبد الله فكري باشا"، وكان متهما باشتراكه في الثورة العرابية، ومشايعته الثائرين يستعطفه بقصيدته التي يقول في مطلعها:
كتابي توجه وجهة الساحة الكبرى ... وكبر إذا وافيت واجتنب الكبرا
وقف خاشعا واستوهب الإذن والتمس ... قبولا وقبل سدة الباب لي عشر
وبلغ لدى الباب الخديوي حاجة ... لذي أمل يرجو له البشر والبشرى
فلم يلبث "توفيق" أن هش له وعطف عليه، ورد إليه معاشه الذي كان قد حرمه إياه.
ويدل صنيع "توفيق" مع "السيد عبد الله نديم" هذه الدلالة فقد شفع له إذ مثل بين يديه بعد أن كان جاد في تعقبه مكافئا على العثور به، وهو خطيب الثورة الذي هيج النفوس وملأها حماسة وثورة، عفا عنه "توفيق" ارتياحا لأدبه وتقديرا لبيانه، وذلك هو المرحوم "أحمد شوقي بك" يحدث عما تقلب في أعطافه من رعاية "توفيق"، وحدبه إذ أمره بألا يتجه إلى والده في شيء من حاجاته، ورغائبه وأن يتجه بها جميعا إليه.
وكان من آثار شيوع الثقافة وانتشار التعليم والصحابة، وسعة الحرية تلك الثورة العربية التي هزت الأفكار، وأيقظت القرائح والعقول.
ومن شعراء تلك المرحلة "محمود صفوت الساعاتي"، و"السيد علي أبو النصر المنفلوطي"، "والسيد صالح مجدي بك"، "وعبد الله فكري باشا""والشيخ علي الليثي"، "وعثمان بك جلال".