للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجناس وصاروا إذا اهتموا بمديح، أو رثاء أو غزل، أو حكمة بدأوا بها رأسا، وإن كان كثير منهم لا يزالون يتحدون أساليب القدماء١.

أما معاني الشعر فقد زادت جدتها، واتسع أفقها بما تيسر لها من مظاهر جديدة ونهضة محدثة، وأدب أجنبي يفسح في الثقافة، ويزيد في ألوانها ويمد في خيالاتها، كل هذا كان نبعا صافيا نهل منه الشعراء، فأغناهم عن مجاراة الأقدمين في بكاء الأطلال، والديار والحنين إلى الظباء والعيس، فأصبحوا يصفون ما جد من المخترعات، وما استحدث من العلم وابتدع من الفنون.

وقد حفلت هذه الفترة بالشعراء الفحول الذين رفعوا مكانه الشعر، وردوا إليه حياته، وجماله من أمثال "محمود سامي البارودي"، "وأحمد شوقي" "وحافظ إبراهيم"، "وحفني ناصف"، "ومحمد عبد المطلب".

التجديد في الشعر:

كان من الطبعي أن يساير الشعراء روح العصر، وأن يتأثروا بالحضارة الحديثة التي وافتهم من الغرب، فيجددوا في أفكار الشعر وأساليبه، وخيالاته وطرق تصويره، ويجانبوا الغموض والتعقيد، ويعالجوا وصف المخترعات المحدثة والحياة الجديدة، ويتوخوا المعاني فيجعلوها موضع احتفالهم، والأغراض فتدور على شرحها والتعبير عنها أفكارهم، دون كلف باللفظ أو ولوع بالطلاء.

وكان من الشعراء المصريين في هذا العصر من بلغوا في هذا الشأن مبلغا سما به الشعر والشعراء، فكانوا مثلا كريما للشعراء الذين جمعوا إلى جزالة القديم، ورصانته تطور الحديث في كل مظاهره، وكان منهم جمهرة يعقد عليهم الأمل ويناط بهم الرجاء من أمثال "شوقي وحافظ وإسماعيل صبري" لولا


١ تاريخ أدب اللغة العربية لجورجي زيدان ج٤ ص٢٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>