للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا مليك الحسن رفقا بشبح ... كلما حاول كتم الشجو١ بان

فكلمة "بان" في هذه الأبيات كررها الشاعر أربع مرات، وهي على ترتيبها "اسم" للشجر، وفعل ماض بمعنى تعد، واسم فاعل من بني بمعنى أقام وشيد، وفعل ماض بمعنى ظهر، وولوعه بالجناس هذا هو الذي أوقعه في هذا التكرار الذي غاض معه جمال الشعر وبهاؤه، وجاء متكلفا لا تنفتح الأسماع له، وهو لا ينسى في غمار هذه الضجة التي أثارها بجناسه، "وبان" تكلفها في شعره أن يسوق جناسات أخرى في سياق هذه الأبيات، كما بين "العسال" "ومعسول" اللمي "وتهادى" و"هادما" و"شج" و"شجو".

وهذا الجناس الذي يغرق "العطار" في تناوله، ويسرف في استعماله يحلو أحيانا، فيكون مقبولا سائغا لا نبو فيه كقوله:

وصفا لي زمان أنس صفا لي ... بحبيب غض وراح قديم

وقوله:

وما لي إن منعتكها اقتدارا ... وما لي إن منحتكها إجازة

وقوله:

يمم اليم ورد ما تشتهي ... وعلى المورد يا صاح الضمان

وقوله:

وغنت الورق على أيكها ... تنبه الشرب لشرب المدام

وقوله:

همم فوق السموات سمت ... ومعال دونهن الصعب هان

فالجناس بين "صفا" و"صفا" و"منعتكها"، و"منحتكها" و"يمم" و"اليم" و"الشرب" جمع شارب و"الشرب" مصدر شرب و"السموات"، و"سمت" و"دونهن" و"هان"، وهذه جناسات سائغة لا تمجها النفس


١ الشجو -شجاه حزنه وطرفه كأشجاه فهما ضد.

<<  <  ج: ص:  >  >>