للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان ذكيًّا عبقريًّا ممتازًا بقوة المناظرة، ورصانة الجدل وقدرته على الحوار راوية كثير الإنشاء يتنادر في مجالسه بطرائف من شعره، ويطرف مجالسيه بألوان فاتنة من أدبه، فلا يمل له حديث ولا يغمض عنه جفن.

شعره:

شعر "شهاب الدين" من أجود الشعر في هذا العصر، وهو صورة صادقة للحياة الاجتماعية في زمنه، ومرآة صافية تتمثل فيها حياته وصفاته، وهو يقول الشعر غير مستعص عليه، وإنما يواتيه طيعا وينقاد إليه غير متأب.

وأكثر ما في شعره إنما هو المدائح التي وجهها "لمحمد علي ولعباس" الذي كان شاعره، ثم "لسعيد" من بعده، بل إنه ليمدح كثيرًا ممن لهم مقام كريم وجاه رفيع، فيمدح "أدهم باشا" و"مختار بك" ناظري المعارف، ومديري إدارة المدارس، ويمدح "عارفا بك" شيخ الإسلام بتركية، والشريف "محمد بن عوان" وأستاذيه الشيخ "حسن العطار"، والشيخ "محمد والعروسي"، كما يمدح الشيخ "أحمد الصائم"، والشيخ "محمد العباسي المهدي" المفتي والشيخ "محمد عليش" شيخ المالكية، "والسيد محمد البكري" نقيب الأشراف وغيرهم، ولعل لرقة حاله سببا يتصل بإفراطه في المدائح، فقد نشأ وزانا صغيرا يزاول ذلك في أسواق البيع، فاتخذ من هذه المدائح عنوانا له ليحيا حياة رغد وكرامة.

وقد كانت له مدائح نبوية إلا أنها لم تبلغ شيئًا من شعره بجانب ما بلغه المدح الآخر.

فمما قاله يمدح به "محمدا عليا"، وليكتب على مسجد القلعة الذي أنشأه سنة ١٢٦١هـ.

مليك جليل الشأن ليس كمثله ... جليل بعلياه اقتدى كل مقتدي

محمد آثار على مآثر ... عزيز افتخار ساد كل مسود

هو المنهل العذب الذي دون ورده ... تزاحمت الأقدام في كل مورد

<<  <  ج: ص:  >  >>