تكلف شديد، ويوري غير أنه لا يلحف في رجاء التورية، ولا يرتصد لطلبها، وتدور الصنعة في شعره غير مفتون بها، وإن تهيأت له فبغير إفراط ولا إسراف، أما التاريخ الشعري، فهو مغرى به متافت عليه، ملتزم له في الجمهرة العظمى في شعره، فمن تجنيسه قوله:
في الحان قد جس معسول اللمي وترا ... فانهض لتسمع ألحان الصبا وترى
فقد أوقع الجناس بين "الحان"، وهو محل بيع الخمر و" ألحان" الصبا جمع لحن، كما أوقعه بين الوتر الذي هو شرعة القوس، ومعلقها الواقع مفعولا والفعل المضارع و"ترى" مقرونا بوار العطف، ويبدو لك تكلفة الجناسين إلا أنهما أقرب إلى القبول، ومن تجنيسه أيضًا قوله:
فقد أوقع الجناس بين لفظ الأسى بمعنى الحزن، والفعل الماضي "أساء" محذوف الهمزة ليتم الجناس بحذفها، والجناس هنا مقصود للشاعر إلا أنه لم يبلغ من الثقل مداه، ومن تجنيسه أيضًا قوله:
كم ذا أحاول نصحا بالعظات وفي ... ظني وجود سميع بالعهود وفي
فالجناس بين حرف الجر "فى" مقرونا بالواو، ولفظ "وفى" الصفة المحذوف إحدى يائية، وهو أقل ثقلا من صاحبه الماضي، ومن جناسه المقبول قوله:
رياض المجد أهدت نفح طيب ... فقلت مهنئا يا نفس طيبي
ويغرب أن يلتزم الجناس في مطالع قصائده، وهو في هذا الموضع أكثر طلبا له واستشراقا إليه.