ولا شك أن هذا التاريخ أضعف هذا الشعر، وحال دون روعته وجماله، ولكنها سنة العصر الذي أغرق فته وغالى وله في تاريخ لحية.
لماذا ازدهى روض المحاسن والبها ... وبدا به الريحان وهو شريف
خط العذار كما تحب صحيفة ... تاريخها صان الجمال نظيف
................... ... ١٤١ ١٠٥ ١٠٤٠
سنة ١٢٨٦هـ
وهو شعر ضعيف متهافت كما ترى، ومما لا أسيغه وصف الريحان بالشرف، ولست أدري متى يكون الريحان شريفا، أو غير شريف فلعل علم ذلك عند الشاعر، وقد يقصد أن الريحان وهو أخضر الأغصان يبدو كالعمائم الخضر التي هي سمة الأشراف.
وقد يولع بالتاريخ، فيجعل في كل شطر تاريخا كما قال:
بشير الهنا لا حب بيمن قدومه ... بدور بها نور البثائر قد صفا
٥١٢ ٨٧ ٤٣٩ ١٠٢ ١٥٥ ... ٢١٢ ٨ ٢٥٦ ٥٤٤ ١٠٤ ١٧١
سنة ١٢٩٥هـ.
وشعره إذ ذاك لا روعة فيه، ولا تتنسم منه روح الشعر بحال، غير أنه يتناول كثيرا من الأغراض في شعره، ويتسع أفقه لألوان مختلفة من الشعر فيمدح، ويهنئ ويرثي ويعتب ويشكو ويشكر، ويتغزل ويصف وينصح، وتجد في شعره الحكم والمدائح النبوية، والقصائد الوطنية والخمريات بغير إغراق كما تجد فيه الوداع والحماسة، ويتناول الألغاز يكثر منها فيجيء شعره بها معمى مستغلقًا، ويطول نفسه في بعض القصائد حتى لتبلغ مائة بيت إلا أن شعره أقرب إلى شعر العلماء منه إلى شعر الفحول من الشعراء، وشعره وسط بين الإجادة، والغثاثة والضعف والقوة.
فمما قاله متغزلا:
إلى الأوطان يجذبني الهيام ... ولي قلب يقليه الغرام
وفي دمعي غرقت ونار وجدي ... بتذكار الديار لها ضرام