وحيث أبت إلا هواها سفاهة ... وساق لها الأخذ الوبيل شقاؤها
رأيت لها رأي الملوك فأصبحت ... وقد ساءها إصباحها ومساؤها
فإن شئت فاصفح أو إذا شئت فانتقم ... فمنك بقاها لو تشا وفناؤها
شوقي ثمرة البسيوني:
حين تولى الشيخ "البسيوني" تدريس اللغة العربية بمدرسة الإدارة "الحقوق"، كان بين تلامذتها، "أحمد شوقي بك"، "وأحمد زكي باشا" كما قلنا فانتفعا بعلمه وغنيا بثقافته، وتفطن الأستاذ إلى الموهبة الشابة في نفس شوقي، فأقبل عليها بالتوجيه، ويحدثنا "أحمد زكي باشا" في حفل تأبين شوقي الذي أقامته وزارة المعارف في ديسمبر سنة ١٩٣٢م، بأن الشيخ البسيوني أستاذهما في فنون البلاغة كان لا تخطئه النكتة البارعة اللاذعة، أو الساحرة الساخرة، وما لبث أن رأى في تلميذه شوقي بواكير العبقرية وبوادر المواهب الربانية، فأنشا يعرض قصائده على تلميذه شوقي بواكير العبقرية، وبوادر المواهب الربانية، فأنشا يعرض قصائده على تلميذه قبل أن يرسلها إلى المعية السنية، وإلى جريدة الوقائع المصرية وغيرها من الصحف العربية، وكان شوقي ببساطة التلميذ الناشيء يشير بمحو هذه الكلمة، وتصحيح تلك القافية، وحذف هذا البيت، وتعديل ذياك الشطر والأستاذ يغتبط بقوله، وينزل على رأيه.
ويقول "أحمد زكي باشا"، وأحسن ما أذكر لأستاذي البسيوني رحمه الله أنه كان يتحدث بذلك إلينا، وإلى الفرق المتقدمة علينا، "وفيها أصحاب السعادة عثمان باشا مرتضى، وأبو بكر يحيى باشا، وعلي ثاقب باشا، وشاكر بك أحمد" دون أن تأخذه العزة بالإثم، وأن يغريه الكبرياء اللازم للمدرس بإنكار الفضل الذي منحه الله للدارس، فهذه أول سعادة أحرزها "شوقي".
أجل هذه أول سعادة أحرزها، فما من شك في أن إقبال الشيخ البسيوني على شوقي، وتنزله معه إلى هذا الحد قد ملأ نفسه ثقة بشاعريته، وإيمانا بموهبته وكان أول ما أخذه بيده إلى النهوض، وشجعه على المضي في سبيل مجده صعدا ناشئ يدني الأمل من نفس التلميذ، ويوطئ له أسباب المجد والسعادة مثلما