للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنّ ما تقدّم هو النوع الأوّل من أنواع الذِّكر، وهو ذكر الرب بذكر أسمائه وصفاته، وهو نوعان كما سبق، وسيأتي مزيد تفصيل لهذا النوع من الذِّكر لاحقاً إن شاء الله.

أما النوع الثاني: فهو ذكر أمر الربّ ونهيه وأحكامه، وهو أيضاً نوعان:

ـ أحدهما: ذكره سبحانه بذلك إخبارًا عنه بأنَّه أمر بكذا ونهى عن كذا، وأحبّ كذا، وسخط كذا، ورضي كذا، فكلُّ هذا من ذكر الله تبارك وتعالى، ولهذا فإنَّ مجالس العلم التي يبيَّن فيها الحلال والحرام، وتوضّح فيها الأحكام مجالس ذكر لله. قال عطاء الخرساني: "مجالس الذِّكر مجالس الحلال والحرام، كيف تشتري وتبيع، وتصلي وتصوم، وتنكح وتطلّق وتحجّ وأشباه هذا".

وكان أحد السلف وهو أبو السُّوَار العدوي في حلقة يتذاكرون العلم ومعهم فتى شاب فقال لهم: قولوا: سبحان الله والحمد لله، فغضب أبو السُّوار، وقال: "ويحك في أيِّ شيء كنّا إذًا"١.

فليست مجالس الذكر مختصّة بالمجالس التي يذكر فيها اسم الرّبّ بالتسبيح والتحميد والتكبير ونحو هذا، بل هي شاملةٌ للمجالس التي يذكر فيها أمره ونهيه وحلاله وحرامه، وما يحبّه ويرضاه، وما يكرهه ويأباه، بل ربَّما كان هذا الذكر أنفع من ذلك.


١ أورد هذا الأثر والذي قبله ابنُ رجب في شرح حديث أبي الدرداء في طلب العلم (ص:٢٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>