كان يُعجبه من ذلك جوامع الذِّكر والدعاء ويدع ما بين ذلك.
وإذاً فالواجبُ على كلِّ مسلمٍ أن يعرف عِظَمَ قدر الأدعيةِ النبوية ورفيع مكانتها وأنَّها مشتملةٌ على مجامع الخير وأبواب السعادةِ ومفاتيح الفلاح في الدنيا والآخرة، فخيرُ السؤال أن يسألَ المسلمُ ربَّه مِن خير ما سأله منه عبدُه ورسولُه صلى الله عليه وسلم، وأفضلُ الاستعاذة أن يستعيذ بالله من شرِّ ما استعاذ منه عبدُ الله ورسولُه صلى الله عليه وسلم، فإنَّ في ذلك فواتحَ الخير وخواتِمَه وجوامعَه، وأوَّلَه وآخرَه، وظاهره وباطنَه، ومن يتأمَّل جميعَ الأدعيةِ الواردةِ في القرآن والسنةِ يجدها كذلك، فإنَّ الله تبارك وتعالى قد اختار لنبيِّه محمد صلى الله عليه وسلم جوامعَ الأدعيةِ وفواتح الخير وتمام الأمرِ وكماله في الدنيا والآخرة، فكيف يدَعُ المسلمُ هذا الخيرَ العميمَ والفضلَ العظيم الذي اشتملت عليه أدعيةُ النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، ويُقبِلُ على أدعيةٍ أخرى لغيره ممَّن لا تُؤمَنُ غائلتُهم من شيوخ الضلال وأئمَّة الباطل، المتكلِّفين في الدِّين ما ليس منه، ولهذا يقول الخطابي رحمه الله:" أولى ما يُدعى به ويُستعمل منه ما صحَّت به الروايةُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وثبت عنه بالأسانيد الصحيحة، فإنَّ الغلطَ يعرض كثيراً في الأدعية التي يختارها الناس لاختلاف معارفهم وتباينِ مذاهبهم في الاعتقاد والانتحال، وبابُ الدعاء مطيَّةٌ مظنَّةٌ للخطر، وما تحت قدم الداعي دحضٌ، فليحذر فيه الزلل، وليسلك منه الجَدَد، الذي يؤمن معه العِثار، وما التوفيق إلاَّ بالله عزَّ وجلَّ "١. اهـ.