للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّلف: " ما ابتدع قومٌ بدعةً في دينهم إلاَّ نَزَع الله من سنَّتِهم مثلَها، ثمّ لا يُعيدُها إليهم إلى يوم القيامة "١، وكيف يليق بمسلم يعرفُ فضلَ الرسول صلى الله عليه وسلم وقَدْرَه ونُصْحَه لأمَّته، ثمَّ مع ذلك يَدَعُ هديَه وأدعِيتَه العظيمة المبارَكة، ويُقْبِلُ على أدعيةِ وكتبِ هؤلاء المتخرِّصين المتَكَلِّفين.

قال أبو بكر محمد بن الوليد الطَرْطُوشيُّ صاحبُ كتاب الحوادث والبدع: " ومِن العَجب العُجاب أن تُعرِضَ عن الدعوات التي ذَكَرها الله في كتابه عن الأنبياء والأولياء والأصفياءِ مقرونةً بالإجابةِ، ثمَّ تنتقي ألفاظَ الشُّعراء والكتَّاب، كَأنَّك قد دعوتَ في زعمِك بجميع دعواتِهم ثمّ استعنتَ بدعوات مَن سواهم "٢.

ويقول الإمام القرطبي في تفسيره لقوله تعالى: {إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المُعْتَدِينَ} وهو يذكر جملة من أنواع الاعتداء في الدعاء: " ومنها أن يدعو بما ليس في الكتاب والسنة فيتخيّر ألفاظاً مفقرةً، وكلماتٍ مسجَّعةً، قد وجدها في كراريس، لا أصل لها ولا معوّل عليها فيجعلها شعارَه، ويترك ما دعا به رسوله صلى الله عليه وسلم، وكلُّ هذا يَمنع من استجابة الدعاء "٣.

وإنَّ أشدَّ ما يكون في هذا الأمر خطورةً أنَّ بعضَ هذه الأدعية المؤلّفةِ مشتملةٌ على ألفاظٍ كفرية واستغاثات شركية وشطط بالغ، قال


١ سنن الدارمي (١/٨٥) ، والمصنف لعبد الرزاق (١/٩٣) .
٢ الفتوحات الربانية لابن علان (١/١٧) .
٣ الجامع لأحكام القرآن (٧/١٤٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>