للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو طالت المُدَّة، فإنَّه سبحانه يحبُّ الملحِّين في الدعاء ... فما دام العبدُ يُلحُّ في الدعاء ويطمع في الإجابة من غير قطع الرجاء، فهو قريبٌ من الإجابة، ومن أدمَن قَرْعَ الأبواب يوشك أن يُفتح له " اهـ١.

وكيف لا يكون المسلمُ واثقاً بربِّه والأمورُ كلُّها بيده، ومعقودةٌ بقضائه وقَدَرِه، فما شاء الله كان كما شاء، في الوقت الذي يشاء، على الوجه الذي يشاء، من غير زيادة ولا نقصان ولا تقدُّم ولا تأخُّر، وحُكمه سبحانه نافذٌ في السموات وأقطارها وفي الأرض وما عليها وما تحتها وفي البحار والجوِّ، وفي سائر أجزاء العالَم وذرَّاته يُقلِّبها ويصرفها ويُحدث فيها ما يشاء {مَا يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِن رَحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ} ٢، أحاط بكلِّ شيء علماً، وأحصى كلَّ شيء عدداً، ووسع كلَّ شيء رحمة وحكمة، له الخلقُ والأمر، وله المُلكُ والحمد، وله الدنيا والآخرة، وله النعمة والفضل، وله الثناء الحسن، شملت قدرتُه كلَّ شيء، ووسعت رحمتُه كلَّ شيء {يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} ٣، لا يتعاظمه ذنبٌ أن يغفرَه، ولا حاجةٌ يُسألها أن يعطيها، لو أنَّ أهلَ سمواته وأهل أرضه إنسهم وجِنَّهم حيَّهم وميِّتَهم صغيرَهم وكبيرَهم رطبهم ويابسهم قاموا في صعيد واحد فسألوه فأعطى كلَّ واحد منهم ما سأله ما نقص ذلك مما عنده مثقال ذرة، {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ


١ جامع العلوم والحكم (٢/٤٠٣ ـ ٤٠٤) .
٢ سورة فاطر، الآية: (٢) .
٣ سورة الرحمن، الآية: (٢٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>