للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في شرحه لحديث ابن عباس المتقدِّم في ذمِّ السجع في الدعاء: " ولا يَرِد على ذلك ما وقع في الأحاديث الصحيحة؛ لأنَّ ذلك كان يصدر من غير قصدٍ إليه؛ ولأجل هذا يجيء في غاية الانسجام، كقوله صلى الله عليه وسلم في الجهاد: " اللَّهمَّ مُنزلَ الكتاب، سريع الحساب، هازم الأحزاب "١، وكقوله صلى الله عليه وسلم: " صدق وعده وأعزَّ جندَه ... "، الحديث٢، وكقوله: " أعوذ بك من عَين لا تدمع، ونفسٍ لا تشبع، وقلب لا يخشع "٣، وكلُّها صحيحة "٤.

وينبغي للداعي أن يتجنَّب اللَّحنَ في الدعاء، ولا سيما إذا كان اللَّحنُ مُحِيلاً للمعنى، مُخِلاًّ بالمقصود، مفسداً للمراد، فإنَّ الإعرابَ عمادُ الكلام، وبه يستقيم المعنى، وبعدمِه يختلُّ ويفسد، وربَّما انقلب المعنى باللَّحنِ إلى معنى باطل أو دعاء محرَّم أو نحو ذلك.

ولهذا قال أبو عثمان المازني لبعض تلاميذه: " عليك بالنحوِ، فإنَّ بني إسرائيل كفرت بحرف ثقيلٍ خفَّفوه، قال الله عزَّ وجلَّ لعيسى: إنِّي ولَّدتُكَ "، فقالوا: إنِّي وَلَدتُك "، فكفروا ".

ويُذكر عن الأصمعيِّ: أنَّه مرَّ برجل يقول في دعائه: يا ذو الجلال والإكرام، فقال له: ما اسمك؟ قال ليث، فأنشأ يقول:


١ صحيح البخاري (رقم:٢٩٣٣، ٢٩٦٦) ، وصحيح مسلم (رقم:١٧٤٢) .
٢ صحيح البخاري (رقم:٢٩٣٣، ٢٩٦٦) ، وصحيح مسلم (رقم:١٧٤٢) .
٣ صحيح مسلم (رقم:٢٧٢٢) بلفظ مقارب.
٤ فتح الباري (١١/١٣٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>