للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُنادي ربَّه باللَّحن ليثُ لذاك إذا دعاه لا يُجيبُ١.

ولهذا ينبغي على الداعي تجنُّبُ اللَّحنِ في الدعاء إن كان مستطيعاً لذلك قادراً عليه، وإلاَّ فإنَّ اللهَ جلَّ وعلاَ لا يُكلِّف نفساً إلاَّ وُسعها.

وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن رجل دعا دعاء ملحوناً فقال له رجل: ما يقبل الله دعاءً ملحوناً؟

فأجاب رحمه الله بما نصُّه: " مَن قال هذا القول فهو آثمٌ مخالفٌ للكتاب والسنة، ولما كان عليه السلف، وأمَّا مَن دعا اللهَ مخلصاً له الدين بدعاء جائز سمعه الله وأجاب دعاءَه سواء كان مُعرباً أو ملحوناً، والكلام المذكور لا أصل له، بل ينبغي للداعي إذا لَم تكن عادتُه الإعرابَ أن لا يتكلَّف الإعرابَ، قال بعضُ السلف: إذا جاء الإعرابُ ذهب الخشوعُ، وهذا كما يُكره تكلُّف السجع في الدعاء، فإذا وقع بغير تكلُّف فلا بأس به، فإنَّ أصلَ الدعاء من القلب، واللسان تابعٌ للقلب.

ومَن جعل همَّتَه في الدعاء تقويمَ لسانِه أضعفَ توجه قلبه، ولهذا يدعو المضطرُّ بقلبِه دعاءً يُفتح عليه لا يحضره من قبل ذلك، وهذا أمرٌ يَجده كلُّ مؤمن في قلبه، والدعاءُ يجوز بالعربية، وبغير العربية، والله سبحانه يعلم قصدَ الداعي ومرادَه، وإن لَم يُقوِّم لسانه فإنَّه يعلم ضجيج الأصوات باختلاف اللغات على تنوُّع الحاجات "٢.


١ انظر: شأن الدعاء للخطابي (١٩ ـ ٢٠) .
٢ مجموع الفتاوى (٢٢/٤٨٨ ـ ٤٨٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>