للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقولوها كلَّ صباح ومساء، فقد روى الترمذي وأبو داود وغيرُهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال: "يَا رَسُولَ اللهِ! مُرْنِي بِكَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ إِذَا أَصْبَحْتُ وَإِذَا أَمْسَيْتُ. قَالَ: قُلْ: اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، عَالِمَ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي وَشَرِّ الشَّيْطَانِ وشِرْكِهِ". وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: "وَأَنْ أَقْتَرِفَ عَلَى نَفْسِي سُوءاً، أَوْ أَجُرَّهُ إِلَى مُسْلِمٍ". قَالَ: "قُلْهَا إِذَا أَصْبَحْتَ وَإِذَا أَمْسَيتَ وَإِذَا أَخَذْتَ مَضْجِعَكَ"١.

فهذا دعاءٌ عظيمٌ يُستحبُّ للمسلم أن يقولَه في الصباح والمساء وعند النوم، وهو مشْتَملٌ على التعوُّذ بالله والالتجاء إليه والاعتصام به سبحانه من الشرور كلِّها، من مصادرها وبداياتها ومن نتائجها ونهايتها، وقد بدأه بتَوَسُّلات عظيمة إلى الله جل وعلا، بذكرِ جُملةٍ من نُعوتِه العظيمة وصفاته الكريمة، الدَّالَة على عَظمته وجلاله وكماله، فتوسل إليه بأنَّه "فاطرُ السَّموات والأرض"، أي خالقُهُما ومُبْدعهما وموجدُهما على غير مثال سابق، وأنَّه "عالِمُ الغيب والشهادة"، أي لا يخفى عليه خافية، فهو عليمٌ بكلِّ ما غاب عن العباد وما ظهر لهم، فالغيبُ عنده شهادة، والسِّرُّ عنده علانية، وعِلمُه سبحانه مُحيطٌ بكلِّ شيء، وتوسَّل إليه بأنَّه "ربُّ كلِّ شيء ومليكُه" فلا يَخرج شيءٌ عن ربوبيَّته، وهو المالكُ لكلِّ شيء، فهو سبحانه ربُّ العالمين، وهو المالكُ للخَلق أجمعين، ثمَّ أعلن بعد ذلك توحيدَه وأَقَرَّ له بالعبودية، وأنَّه المعبودُ بحقٍّ ولا معبودَ بحقٍّ سواه فقال: "أشهد أن لا إله إلاَّ أنت"، وكلُّ ذلك جاء مقدِّمةٍ بين يدي الدعاءِ، مُظهراً فيه العبدُ فاقتَه وفَقرَه


١ سنن الترمذي (رقم:٣٣٩٢) (رقم:٣٥٢٩) ، وسنن أبي داود (رقم:٥٠٦٧) (رقم:٥٠٨٣) ، وصحَّحه الألباني ـ رحمه الله ـ في صحيح الترمذي (رقم:٢٧٠١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>