للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْ شِرْكٍ أَو ظُلْمٍ أَو بَغْي، فأَطْلَعَ الله عزَّ وجَلَّ رَسُولَهُ على الذِي صُنِعَ بالصَّحِيفَةِ، [فَذَكَر ذَلِكَ رَسُولُ اللهِ -صلي الله عليه وسلم- لأَبي طَالِبٍ] (١)، فقالَ أَبو طَالِبٍ: لا، والثَّوَاقِبُ، مَا كَذَبَنِي، فانْطَلَقَ يَمشِي بِعِصَابةٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ حتَّى أَتَى المَسْجِدَ وَهُو حَافِلٌ مِنْ قُرَيْشٍ، فَلَمَّا رأَوْهُم أَتَوا بِجَمَاعةٍ أَنْكَرُوا ذَلِكَ، وظَنُّوا أَنَّهُم خَرَجُوا مِنْ شِدَّةِ البَلَاءِ، وأَتَوْهُم لِيُعْطُوُهم رَسُولَ اللهِ، فَتَكَلَّمَ أَبو طَالِبٍ فقالَ: قدْ حَدَثتْ أُمُورٌ بَيْنَكُم لم نَذْكُرْهَا لَكُم، فأْتُوا بِصَحِيفَتِكُم التِّي فِيهَا مَوَاثِيقُكُم، فَلَعَلَّهُ أنْ يَكُونَ بَيْنَنا وبَيْنَكُم صُلْحٌ، وإنَّما قالَ ذَلِكَ خَشْيَةَ أَنْ يَنْظُرُوا في الصَّحِيفَةِ قَبْلَ أنْ يأْتُوا بِهَا، [وبادَرَ اللَّعِينُ] (٢) أَنْ يأْتِيهِم بِحَدِيثِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - الذي أَخْبَرهُ الله تَبَاركَ وتَعَالىَ به، فأَتَوْا بِصَحِيفَتِهِم مُعْجَبِينَ، لَا يَشُكُّونَ أنَّ الرَّسُولَ مَدْفُوعٌ إليهِم، فَوَضَعُوهَا بَيْنَهُم، وقَالُوا: قَدْ آنَ لَكُم أنْ تَقْبَلُوا وتَرْجِعُوا إلى أَمْرٍ يَجْمَعُ عَامَّتَكُم، ويَجْمَعُ قَوْمَكُم، لَا يَقْطَعُ ذَلِكَ بَيْنَنا وبَيْنَكُم إلَّا رَجُلٌ وَاحِدٌ جَعَلْتُمُوه [خَطَرًا] (٣) لِعَشِيرَتِكُم وفَسَادِكُم، فقالَ أَبو طَالِبِ: إنَّما أَتَيْتُكُم لِنُعْطِيكُم أَمْرَا فيه نَصَفٌ بَيْنِي وبَيْنَكُم، هَذه الصَّحِيفَةُ التي في أَيْدِيكُم، إنَّ ابنَ أَخِي أَخْبَرنيِ ولم يَكْذبْنِي، أنَّ الله تَبَارَكَ وتَعَالىَ بَعَثَ عَلَيْهَا دَابَّةً فَلَمْ تَتركْ فِيهَا اسْمَا للهِ عَزَّ وَجَلَّ إلَاَّ لحَسَتْهُ، وتَرَكَ فِيهَا غَدْرَكُم وتَظَاهَركُم عَلَيْنا بالظُّلْمِ، فإنْ كانَ الحَدِيثُ كَمَا يَقُولُ فأَفِيقُوا، فَوالله لا نُسْلِمُهُ حتَّى نمُوتَ مِنْ عِنْدِ آخِرِنا، وإنْ كانَ الذِي


(١) زيادة من كتب السيرة، ومنها: البداية والنهاية ٤/ ٢٠٩.
(٢) جاء في الأصل: (وبادروا العين) وهو خطأ، والصواب ما أثبته نقلا من كتاب دلائل النبوة لأبي نعيم.
(٣) زيادة من كتب السيرة، ومنها: دلائل النبوة لأبي نعيم.