للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَنَذْكُرهَا في مَبْحَثِ مُصَنَّفَاتهِ، ومِنْ مُؤَلَّفَاتهِ التي وَصَلَتْنا في الرَّدِّ عَلَيْهِم كِتَابُ (الرَّدُّ على مَنْ يَقُولُ أَلْم حَرْفٌ لِيَنْفِى الأَلِفَ واللَامَ والميمَ عَنْ كَلَامِ الله عَزَّ وَجَلَّ) وَهُو يَنْصُرُ اعْتِقَادَ أَهْلِ السُّنَّةِ بأنَّ القُرْآنَ الكَرِيم المَسْطُورُ مَا بَين الدَّفَتَيْنِ هُو كَلَامُ اللهِ تَعَالىَ بِحُرُوفهِ ومَعَانِيه جَمِيعًا، ولَيْسَ منهُ شيءٌ مخلُوقٌ، وأنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ تَكَلَّم بِحُرُوفهِ العَرِبيَّةِ التِّي مِنْها: الأَلِفُ، واللَامُ، والمِيمُ، وفيِ هَذا رَدٌّ على الأَشْعَرِيَّةِ ومُوَافِقِيهم مِنْ أنَّ (أَلْم) حَرْفٌ، لِيُبْطَلَ كَوْنَ كَلَامِ الله حُرُوفًا مُتَعَدِّدَةً، وَهُو غَير مخْلُوقٍ، ولَكِن هذه الحُروفُ عِبَارَةٌ عنهُ ودِلَالةٌ عَلَيْه، وَهِي مخلُوقَةٌ.

وكانَ مَنْهَجُه في العَقِيدةِ يَقُومُ على التَّسْلِيمِ المُطْلَقِ لِمَا جَاءَ في كِتَابِ الله وسُنَّةِ رَسُولهِ صَلَّى الله عليه وسلَّم، والمُتَابَعَةِ البَاطِنَةِ والظَّاهِرَةِ لِمَا جَاءَ فِيهِما، فقالَ: (عَلَامةُ الرِّضَا إجَابَةُ الله تَبَاركَ وتَعَالىَ مِنْ حَيثُ دَعَا بالكِتَابِ والسُّنَّةِ، وعَلَامةُ الوَرَعِ الخُرُوجُ مِنَ الشُّبُهَاتِ بالأَخْبَارِ والآياتِ، وعَلَامةُ القَنَاعةِ السُّكُوتُ عَلَى الكِتَابِ والسُّنَّةِ في الوُقُوفِ عِنْدَ الشُّبْهَةِ، وعَلَامَةُ الإخْلَاصِ زِيَادَةُ السرِّ عَلَى الإعْلَانِ في إيْثَارِ قَوْلِ اللهِ تَعَالىَ، وقَوْلِ رَسُولهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الأَقَاوِيْلِ كُلِّهَا بالإيمْانِ والاحتِسَابِ، وعَلَامةُ الصَّبرْ حَبْسُ النَّفْسِ في اسْتِحْكَام الدَّرْسِ بالكِتَابِ والسُّنَّةِ، وعَلَامَةُ التَّسْلِيمِ الثِّقَةُ باللِّه الحَكِيمِ في قَوْلهِ، والسُّكُونِ إلى الله العَظِيمِ بِقَوْلِ رَسُولهِ - صلى الله عليه وسلم - في جَمِيعِ الأَشْيَاءِ) (١).

وقالَ ابنُ أَخِيه أَبو زَكَرِيَّا يَحْيى بنُ عَبْدِ الوَهَابِ بنِ مُحمَّدِ بنِ مَنْدَه: (كانَ عَمِّى سَيْفًا عَلَى أَهْلِ البِدَعِ، وَهُو أكْبرُ مِنْ أَنْ يُثْنِي عَلَيْهِ مِثْلِي، كانَ وَاللِّه آمِرًا بالمَعْرُوفِ،


(١) الذيل على طبقات الحنابلة ١/ ٦٣ - ٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>