للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَاهِيًا عَن المُنْكَرِ، في الغُدوِّ والآصَالِ ذَاكِرًا، ولِنَفْسهِ في المَصَالِحِ قَاهِرا، أَعْقَبَ الله مَنْ ذَكَرهُ بالشرٍّ النَّدَامةَ، وكانَ عَظِيمَ الحِلْمِ، كَثِيرَ العِلْمِ) (١).

وقالَ تِلْمِيذُهُ أَبو عَبْدِ اللهِ مُحمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ الدَّقَّاقُ: (كَانَ جِذْعًا في أَعْيُنِ المُخَالِفِينَ، أَهْلِ البِدَعِ والتَّبَدُّعِ المُتَنَطِّعِينَ، وكانَ مِمَّن لَا يَخَافُ في اللهِ لَوْمةَ لَائِمٍ ... ولَهُ تَصَانِيفُ كَثِيرَةٌ، وَرُدُودٌ جَمَّةٌ على المُبْتَدِعِينَ والمُنْحَرِفِينَ في صِفَاتِ اللهِ تَعَالىَ وغَيْرِها) (٢).

وقالَ ابنُ أَبي يَعْلَى: (وكانَ مُجتَهِدا لآثَارِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وسَلَّم، ويُحَرِّضُ النَّاسَ عَلَيْهَا، وكانَ شَدِيدًا على أَهْلِ البِدَعِ، مُبَاينًا لَهُم ...) (٣).

وقالَ ابنُ الجَوْزِيِّ: (كانَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ الكِبَارِ) (٤). وقالَ أَيْضًا: (وكانَ لَهُ وَقَارٌ وسَمْتٌ، وأَتْبَاعٌ فِيهِم كَثْرَةٌ، وكانَ مُتَمَسِّكَا بالسُّنَّةِ، مُعْرِضًا عَنْ أَهْلِ البِدَعِ، آمِرًا بالمَعْرُوفِ، نَاهِيًا عَنِ المُنْكَرِ، لا يَخَافُ في الله لَوْمَةَ لَائِمٍ) (٥).

قُلْتُ: ولِشِدَّتهِ رَحِمَهُ الله تَعَالىَ في الحَقِّ، ولمُبَالَغَتهِ -أَحْيَانًا- في الإثْبَاتِ، فإنَّهُ لم يَسْلَمْ مِنَ الطَّعْنِ والغَمْزِ، فَوَصَفُوهُ بالتَّجْسيمِ والتَّشْبِيهِ -حَاشَاهُ مِنْ ذَلِكَ- بلْ كانَ رَاسِخًا في إثْبَاتِ الصِّفَاتِ، ونَفِي التَّعْطِيلِ (٦)، وقدْ رَدَّ عَلَيْهِم، وأَبَانَ


(١) تذكرة الحفاظ ٣/ ١١٦٦.
(٢) الرسالة للدقاق، الورقة (٢٢)، وسير أعلام النبلاء للذهبي ١٨/ ٣٥٢، وتاريخ الإِسلام له أيضا ٣١/ ٣٢٩.
(٣) طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى الحنبلي ٣/ ٤٤٧.
(٤) مناقب الإِمام أحمد لابن الجوزي ص ٦٣٠.
(٥) المنتظم لابن الجوزي ١٦/ ١٩٤.
(٦) هناك فرق بين إثبات حقائق الأسماء والصفات، وبين التشبيه والتمثيل بها، وقد ذكر الإِمام أحمد وغيره من أئمة السلف أن التشبيه والتمثيل أن تقول: يد كيدي، أو سمع كسمعي، أو بصر كبصري =

<<  <  ج: ص:  >  >>