من أحد الأمرين إما أن قد كان وإمّا أن لم يكن فكان فإن كان قد كان فهذه الحوادث المقارنة له شاهدة بأنه ما كان فدل أنّه لم يكن فكان ثمّ لم يخل هذا من أحد الأمرين إما أنه كان بنفسه وإما أنه كان بمكون غيره فإن كان بنفسه فمحال أن يكون العدم وجوداً لعجز الكائن عن تكوين مثله فكيف يقدر على تكوين ذاته وهي معدوم بقي الوجه الآخر وهو أنه كونه مكون ومن الدليل على حدث العالم أنه لا يخلو أن يكون قديماً أو حادثاً أو قديماً حادثاً أو لا قديماً ولا حادثاً فاستحال القول بأنه لا قديم ولا حادث لمشاهدتنا إياه فاستحال أن يكون قديماً حادثاً لاستحالة اجتماع الضدين بقي القول بالقديم والحدث والدعوى يتساوى فيه لأنه ليس قول من زعم أن العلم كان أولى من قول من زعم بأنّه لم يكن ولا جواب من قال لِمَ لَمْ يكن بأسعد من قول مَنْ قال لِمَ كان فنظرناه فإذا دلائل الحدث يشهد بما لا يشهد دلائل القدم ومتى أراد الملحد أن يعارضك في قولك بالقديم فطالبه بصفات القديم فإن أعطاك فقد أقرّ بالمعنى وبقي الخلاف في التسمية وهذه مناظرة