الذي لا يصاب بالبديهة ولا بالحس لكن بالطلب والاستدلال وهو مقدّمة القياس وكان القياس القضاء بالشيء على التمثيل والاجتهاد طلب وجه ذلك القضاء من أصح وجوهه والتحرز من وقوع الغلط فيه لأن القياس من غير اجتهاد كالقول بالظن من غير استدلال وأقول أن النظر فعل الناظر بقلبه ليرى ما خفي عليه فكما أن العين قد تقع على الشيء ولا يتبينه إلا بعد النظر والتفكر فكذلك القلب قد تعرض له الخطرة فلا يثبتها إلا بعد النظر والتفكر والمناظرة المفاعلة منه وقد تكون من تشبيه النظير بالنظير فيكون معناه القياس المحض،
القول في الفرق بين الدليل والعلّة،
أقول أن الدليل ما هدى إلى الشيء وأشار إليه والعلة ما أوجبه وأوجده ويوصل إلى الشيء بدليله لا بعلته لأن علته أيضاً مما يوصل إليها وتعلم بدليل لأن الذي يدل على العالم وقد يزول الدليل ولا يزول عينه ومتى زالت العلة زالت العين وتختلف الأدلّة على العين الواحدة ولا تختلف العلة ومحال وجود ما يفوت الحواسّ والبدائه بغير دليل وغير محال وجود ما لا علة له،