إلى تسفيه الصانع وتجهيله أو الإلحاد والتعطيل وهذه المسألة مُعَلّقة بأصل التوحيد وذلك أنّه لمّا قامت الدلالة على إثبات البارئ جلّ وعزّ وقدرته وحكمته لم يجز أنْ يكون شيء من أفعاله غير حكمة وصواب فعلمنا أنّ الحكيم لم يخلق هذا الخلق عبثاً ولا لعباً ولا سهواً ولم يأمرهم ولم ينهّهم إلاّ للثواب الذي عرضهم له والعقاب الذي حذّرهم وحاشى للَّه سبحانه وتعالى على أن نظنّ به غير الحقّ فالجزاء يوجبه مُوجب التوحيد وحجّته حجته ثم لطباق أكثر أهل الأرض على الإقرار به من أعظم الحجج إذا كانت العارضة يكشفها حجّة العقل واجتماع الخلق فأيّ عذر بعدها لمتخلّف عنها أو مائل إلى ضدّها وإن أحسّ من نفسه بنفرة فأَولى به أن يَتهم عقله دون عقل المؤمنين والأمم والأجيال فإمّا القول في أينيّة الجزاء وماهيّته أجنّة ونار [أم] غيرهما فشيء يتبع فيه الأخيار ولو شاء الله يجزئ بغيرهما كما شاء ولكن المعلوم من الثواب النعمة والاغتباط والمعلوم من العقاب المكروه والنكال ولا نعمة أعظم من دوام البقاء ولا عقوبة أبلغ من النار التي هي آكلة الأضداد