بها لأن الشاهد شاهد القلب لا شاهد اللسان وليس كل من لزمه قول مناظره أو عجز عن جوابه في الوقت وجب عليه المصير إلى مذهب خصمه ولكن بعد التبين والتثبيت واستبراء الحال والرجوع إلى الأصول الموطودة والأعلام المنصوبة فإذا انكشف الغطاء عن وجهه وصرح المحض عن زبده وأومض الحق سيره فلا يسع حينئذ غير الإقرار والانقياد له وليس من الحق تكليف الخصم إظهار ما هو خفي في نفسه لأنه غير ممكن كما يمكنه إخفاء ما هو ظاهر في نفسه ولأن ذلك [١٢] إزالة الشيء عن وجهه فهذه مقدمات قدمناها نظراً للناظر في كتابنا ونصحاً لمن احتاط لدينه وتحرز من تمويه الملحدين وتلبيس الممخرقين وخطرات المجان ووساوس الخلعاء الذين أفسد الفراغ فكرهم وأخمدت الكفاية قرائحهم وحلت عن الدقائق عقولهم وعاشت بصنوف الشهوات نفوسهم وملكهم الهزل وركبهم الجهل واسترقهم الباطل وهجرتهم الفكر وعميت عليهم مواقع النظر فاحتالوا في إسقاط التكليف عنهم ليمرحوا في ميادين الشهوات وليركبوا ما يهوونه من اللذات بإنكار علوم الأصول من البديهة