وفرقة اعتزلت ولم تنه ولم تعص وأن هذه الطائفة قالت للناهية: لم تعظون قومًا -تريد العاصية- الله مهلكهم أو معذبهم -على غلبة الظن- وما عُهد من فعل الله حينئذٍ بالأمم العاصية فقالت الناهية. موعظتنا معذرة إلى الله لعلهم يتقون ولو كانوا فرقتين لقالت الناهية للعاصية: ولعلكم تتقون بالكاف.
ثم اختلف بعد هذا؛ فقالت فرقة: إن الطائفة التي لم تنه ولم تعص هلكت مع العاصية عقوبة على ترك النهي قاله ابن عباس وقال أيضًا: ما أدري ما فعل بهم وهو الظاهر من الآية. وقال عكرمة: قلت لابن عباس لما قال: ما أدري ما فعل بهم. ألا ترى أنهم قد كرهوا ما هم عليه وخالفوهم فقالوا: لم تعظون قومًا الله مهلكهم فلم أزل به حتى عرفته أنهم قد نجوا فكساني حلة. وهذا مذهب الحسن ومما يدل على أنه إنما هلكت الفرقة العادية لا غير قوله: ﴿وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ [الأعراف: ١٦٥]. وقوله: ﴿وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ … ﴾ الآية [البقرة: ٦٥]. [٧/ ٢٧٠]
(٦٠١) من قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ﴾ [الأعراف: ١٧٠].
قرأ أبو العالية وعاصم في رواية أبي بكر ﴿يُمَسِّكُونَ﴾ بالتخفيف من أمسك يمسك والقراءة الأولى (بالتشديد) أولى لأن فيها معنى التكرير والتكثير للتمسك بكتاب الله تعالى وبدينه فبذلك يُمدحون فالتمسك بكتاب الله والدين يحتاج إلى الملازمة والتكرير لفعل ذلك. [٧/ ٢٧٥]