روي عن الحسن قال: «لما قدم عمر بن الخطاب ﵁ الشام أتاه راهب شيخ كبير مُتَقهِّل عليه سواد فلما رآه عمر بكى. فقال له: يا أمير المؤمنين ما يبكيك؟ قال: هذا المسكين طلب أمرًا فلم يصبه، ورجا رجاء فأخطأه، وقرأ قول الله ﷿: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (٢) عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ (٣)﴾». قال الكسائي:«التقهل رثاثة الهيئة، ورجل متقهل: يابس الجلد سيئُ الحال». [٢٠/ ٢٧]
ذكر الإبل أولاً؛ لأنها كثيرة في العرب، ولم يرو الفيلة، فنبههم -جل ثناؤه- على عظيم من خلقه .... ، وعن بعض الحكماء أنه حدث عن البعير وبديع خلقه، وقد نشأ في بلاد لا إبل فيها، ففكر ثم قال: يوشك أن تكون طوال الأعناق. وحين أراد بها أن تكون سفائن البر، صبَّرها على احتمال العطش حتى إن ظماءها ليرتفع إلى العشر فصاعدًا، وجعلها ترعى كل شيء نابت في البراري والمفاوز، مما لا يرعاه سائر البهائم.
قال أبو عمرو: «من قرأها ﴿أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (١٧)﴾ بالتخفيف: عنى به البعير؛ لأنه من ذوات الأربع، يبرك فتحمل عليه الحمولة، وغيره من ذوات الأربع لا يحمل عليه إلا وهو قائم».