بمعنى:(ما)، لا بمعنى الشرط؛ لأن الذكرى نافعة بكل حال، وقيل: ﴿إِنْ﴾ بمعنى (إذ) أي إذ نفعت، كقوله تعالى: ﴿وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران: ١٣٩]. أي إذ كنتم، فلم يخبرهم بعلوهم إلا بعد إيمانهم.
عن ابن مسعود أنه قرأ هذه الآية، فقال:«أتدرون لم آثرنا الحياة الدنيا على الآخرة؟ لأن الدنيا حضرت وعجلت لنا طيباتها، وطعامها وشرابها ولذاتها وبهجتها، والآخرة غيبت عنا فأخذنا العاجل وتركنا الآجل».
وروى ثابت عن أنس قال:«كنا مع أبي موسى في مسير والناس يتكلمون ويذكرون الدنيا، قال أبو موسى: يا أنس، إن هؤلاء يكاد أحدهم يفري الأديم بلسانه فريًا، فتعال فلنذكر ربنا ساعة، ثم قال: يا أنس ما ثبر الناس! ما بطأ بهم؟ قلت: الدنيا والشيطان والشهوات. قال: لا، ولكن عُجلت الدنيا وغيبت الآخرة، أما والله لو عاينوها ما عدلوا ولا ميلوا». [٢٠/ .... ].
(١٣٢٩) من قوله تعالى: ﴿وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (١٧)﴾ [الأعلى: ١٧].
قال مالك بن دينار:«لو كانت الدنيا من ذهب يفنى، والآخرة من خزف يبقى لكان الواجب أن يؤثر خزف يبقى على ذهب يفنى». قال: فكيف والآخرة من ذهب يبقى، والدنيا من خزف يفنى. [٢٠/ ٢٤]