والخير حقيقته ما زاد نفعه على ضره. والشر ما زاد ضره على نفعه، وإنَّ خيرًا لا شر فيه هو الجنة، وشرًا لا خير فيه هو جهنم. فأما البلاء النازل على الأولياء فهو خير لأن ضرره من الألم قليل في الدنيا، وخيره هو الثواب الكثير في الأخرى فنبه الله تعالى عائشة وأهلها وصفوان إذ الخطاب لهم في قوله: ﴿لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ لرجحان النفع والخير على جانب الشر. [١٢/ ١٧٧]
(٩٣١) قال علماؤنا: وإنما لم يُحد عبد الله بن أبي لأن الله تعالى قد أَعَّد له في الآخرة عذابًا عظيمًا فلو حُدَّ في الدنيا لكان ذلك نقصًا من عذابه في الآخرة وتخفيفًا عنه مع أن الله تعالى قد شهد ببراءة عائشة ﵂ وبكذب كل من رماها، فقد حصلت فائدة الحد إذ مقصوده إظهار كذب القاذف وبراءة المقذوف، كما قال تعالى: ﴿فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ (١٣)﴾ [النور: ١٣] وإنما حُدَّ هؤلاء المسلمون ليكفر عنهم إثم ما صدر عنهم من القذف حتى لا يبقى عليهم تبعة من ذلك في الآخرة، وقد قال ﷺ في الحدود:«إنها كفارة لمن أقيمت عليه» رواه مسلم ويحتمل أن يقال إنما ترك حد ابن أبي استئلافًا لقومه واحترمًا لابنه وإطفاءً لثائرة الفتنة المتوقعة من ذلك وقد كان ظهر مبادئها من سعد بن عبادة ومن قومه كما في صحيح مسلم والله أعلم. [١٢/ ١٨٠]